للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَإنَّمَا أَوْليَائِي الْمُتَّقُونَ، ثُمَّ يَصْطَلِحُ النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ كَوَرِكٍ عَلَى ضِلَعٍ،

===

أهلي في الفعل؛ لأنه لو كان من أهلي لم يهيج الفتنة كما في قوله تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} (١).

(وإنما أوليائي المتقون، ثم يصطلح الناس على رجل) أي يجتمعون على بيعة رجل (كَوَرِكٍ) بفتح وكسر (على ضِلَع) بكسر ففتح، وهذا مثل، والمراد أنه لا يكون على ثبات؛ لأن الورك لثقله لا يثبت على الضلع لدقته، والمعنى أنه يكون غير أهل الولاية لقلة علمه، وخفة رأيه، وحلمه، أي يصطلحون على رجل لا نظام له، ولا استقامة لأمره؛ وحاصله أنه لا يستعد، ولا يستبد لذلك فلا يقع عند الأمر موقعه.

والذي يظهر لي أنها هي الفتنة التي حدثت في رمضان سنة ألف وثلثمائة وأربع وثلاثين (٢)، ومنشأها أن الشريف حسين بن علي كان في زمن حكومة الأتراك شريفًا تابعًا لحكومتهم، ثم راسل إحدى سلطنة من النصارى في زمان الحرب الكبير، وكان الحرب بين سلطنة الأتراك وحكومة النصرانية، فلحق بالحكومة النصرانية سرًّا، ووافق معهم على حرب الأتراك، فقتل الأتراك الذين كانوا في مكة المكرمة من جند الأتراك، وسبى نساءهم، ثم تولى الحكومة بنفسه، وسمى نفسه ملك الحجاز، وبقيت حكومته قريبًا من عشر سنين، ثم اضمحل أمره، واصطلح الناس على حكومة ابنه علي بن الحسين، ولم ينتظم له أمر فبقي كوركٍ على ضلع.

وإنما سميت هذه الفتنة فتنة السراء؛ لأن مبناها وأسباب حديثها (٣) كانت في السرِّ؛ فإن الحكومة النصرانية أماله إليها سرًّا، وأرسل إليها (٤) من الجنيهات


(١) سورة هود: الآية ٤٦.
(٢) انظر: "انهيار الدولة العثمانية" (١/ ٢٤٦).
(٣) وفي الأصل: وأسباب حديثها، والظاهر: وأسباب حدوثها.
(٤) كذا في الأصل، والظاهر: أمالَته إليها سرًّا وأرسلت إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>