من أشراطها (فتنًا) عظامًا (كقطع الليل المظلم) بكسر القاف وفتح الطاء، أي كل فتنة كقطعة من الليل المظلم في شدتها وظلمتها، وعدم تبيينِ أمرها والتباسها، وفزاعتها، وشيوعها، واستمرارها. (يصبح الرجل فيها) أي في تلك الفتن (مؤمنًا، ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا" ويصبح كافرًا).
والظاهر أن المراد بالإمساء والإصباح: تقلُّبُ الناس فيها وقتًا دون وقت، لا بخصوص الزمانين، فكأنه كناية عن ترددِ أحوالهم، وتذبذبِ أقوالهم، وتنوع أفعالهم من عهد ونقض، وأمانة وخيانة، ومعروف ومنكر، وسنة وبدعة، وإيمان وكفر.
(القاعد فيها خير من القائم، والماشي فيها خير من الساعي) أي كلما بَعُدَ الشخص عنها وعن أهلها خير له من قربها، واختلاطِ أهلها؛ فإذا رأيتم ذلك (فَكَسِّروا قسيَّكم، وقَطِّعوا) فيها (أوتاركم) جمع وتر، وفيه زيادة المبالغة؛ لأن بعد تقطيع الوتر لا ينتفع به أحد، (واضربوا سيوفكم بالحجارة) حتى تنكسر أو تذهب حدتُها (فإن دخل) بصيغة المجهول (على أحد منكم فليكن) ذلك الأحد (كخير ابني آدم) وهو هابيل، أي فليستسلم حتى يكون قتيلًا، ولا يكون قاتلًا.
٤٢٦٠ - (حدثنا أبو الوليد الطيالسي، نا أبو عوانة، عن رقبة بن مصقلة،