ولا بالظهور، بل هو مختص بالأمة، فلا يصلح تركه - صلى الله عليه وسلم - للوضوء مما مست النار ناسخًا لها , لأن فعله - صلى الله عليه وسلم - لا يعارض القول الخاص بنا, ولا ينسخه، بل يكون فعله لخلاف ما أمر به أمرًا خاصًا بالأمة دليل الاختصاص به، انتهى.
قلت: والأصل في الشرعيات أن ما ثبت من قوله أو فعله
أو تقريره - صلى الله عليه وسلم -، فهو عام له ولأمته، وإن كان الخطاب فيه خاصًّا ما لم يقم عليه دليل الاختصاص به - صلى الله عليه وسلم - أو بأمته، وما دام لم يقم دليل الاختصاص لا يحمل على الخصوص، وها هنا لم يقم دليل الاختصاص، والاستدلال بفعله لخلاف ما أمر به لا يصح، ولا يكون دليلًا على الاختصاص.
ولهذا عَدَّ جمهور الأمة من علماء الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين ترك الوضوء مما مسّت النار ناسخًا لما أمر به قبل ذلك من الوضوء مما مسّت النار.
وقال بعضهم: إن المراد من الوضوء غسل اليدين والفم لما في لحم الإبل من رائحة كريهة ودسومة غليظة بخلاف لحم الغنم.
ويؤيده الروايات التي رويت عن ابن مسعود: أنه جيء بقصعة فيها ثريد ولحم، فأكل ومضمض وغسل أصابعه، ثم قام إلى الصلاة، وكذلك عنه قال: لأن أتوضأ من الكلمة المنتنة أحبُّ إليَّ من أن أتوضأ من اللقمة الطيبة.
وكذلك روي: أن عثمان -رضي الله عنه - أكل خبزًا ولحمًا، وغسل يديه، ثم مسح بهما وجهه، ثم صلى ولم يتوضأ.
وكذلك عن ابن عبّاس: أنه أتي بجفنة من ثريد ولحم، فأكل منها،