للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وغسل أطراف أصابعه، ولم يتوضأ، أخرجها الطحاوي (١).

فهؤلاء الكبراء من الصحابة لما لم يتوضؤوا من أكل ما مسّته النار وضوءًا اصطلاحيًّا، واكتفوا على الوضوء اللغوي، عُلِمَ بذلك أن المراد بالوضوء ها هنا الوضوء اللغوي لا الاصطلاحي.

نعم، بقي ها هنا أن الذي ورد في الحديث هو الوضوء من لحوم الإبل غير مقيد بأكلها ولا بكونها نيئًا أو نضيجًا، ثم قيّده الشراح بالأكل كما قال النووي في "شرح مسلم" (٢)، فاختلف العلماء في أكل لحوم الجزور، وكذلك قال الشوكاني في "النيل" (٣) بعد نقل الحديث، وهو يدل على أن الأكل من لحوم الإبل من جملة نواقض الوضوء، وكذلك صرح القاري في "شرح المشكاة" (٤): وفيه تأكيد الوضوء من أكل لحم الإبل، وهو واجب عند أحمد، وهذا يقتضي أن يكون المراد باللحم النضيج لا النيِّء, لأن النئ لا يؤكل.

فما قال ابن القيم (٥): وأما من يجعل كون لحم الإبل هو الموجب للوضوء سواء مسته النار أو لم تمسه، فيوجب الوضوء من نيئه ومطبوخه وقديده، فكيف يحتج عليه بهذا الحديث، يلزم عليه أن يجعله عامًا من الأكل والمس أيضًا, لأن لفظ الحديث كما أنه عارٍ عن كونه مطبوخًا كذلك عارٍ عن قيد الأكل، فلما جعله عامًا شاملًا للمطبوخ وغير المطبوخ، كذلك


(١) انظر: "شرح معاني الآثار" (١/ ٦٧ - ٦٨).
(٢) (٢/ ٢٨٤).
(٣) "نيل الأوطار" (١/ ٢٦٠).
(٤) "مرقاة المفاتيح" (١/ ٣٣٦).
(٥) "تهذيب سنن أبي داود" (١/ ١٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>