يلزم عليه أن يجعله عامًا من الأكل والمس، ولا قائل به غير الشيخ ابن القيم ومقلده صاحب "غاية المقصود".
وبالجملة فكما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأمر بالوضوء بلحوم الإبل، كذلك روي عنه - صلى الله عليه وسلم - الأمر بالوضوء من ألبان الإبل، أخرجه ابن ماجه (١) بسنده عن أسيد بن حضير وعبد الله بن عمرو يرفعانه، يقول:"توضؤوا من ألبان الإبل"، وهذا محمول عند جميع الأمة على شربها بأن يستحب له أن يمضمض ويزيل الدسومة عن فمه، كذلك يستحب له إذا أكل لحم الجزور أن يغسل يده وفمه وينفي الدسومة والزهومة.
(وسئل عن لحوم الغنم؟ فقال: لا توضؤوا منها)، وفي رواية جابر بن سمرة التي أخرجها مسلم قال:"إن شئت فتوضأ وإن شئت فلا تتوضأ"، فعلى هذا ما في سياق أبي داود قال:"لا توضؤوا منها" معناه: لا يجب الوضوء من لحوم الغنم، فسياق رواية مسلم يدل على أن المراد الوضوء اللغوي, لأن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن شئت فتوضأ وإن شئت فلا تتوضأ" في جواب من سأل عن وجوب الوضوء من لحوم الغنم، لو حمل على الوضوء الاصطلاحي لا يطابق الجواب السؤال.
فإن السؤال لو حمل على وجوب الوضوء لكان جوابه أن يقول: لا، أو يقول: لا تتوضؤوا، كما في سياق أبي داود، فهذا يدل على أن السؤال كان عن استحباب الوضوء اللغوي هل يستحب غسل اليد والفم، فذكر في جوابه كلا الأمرين أي الغسل وعدم الغسل سواء, لأن لحوم الغنم ليس فيها دسومة وزهومة يبقى أثرها بعد الأكل، فقال:"إن شئت فتوضأ"، أي فاغسل اليد والفم، "وإن شئت فلا تتوضأ" أي فلا تغسلهما.