للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والدراية، مفخر المحدِّثين، وسند المفسِّرين، مَن انتهت إليه رئاسة الحديث بدار الهجرة، واشتهر فضله شرقًا وغربًا بين أرباب الكمال والمهرة، مولانا العارف باللهِ الشيخ عبد الغني (١) الحنفي المجددي النقشبندي الدهلوي ثم المدني المومَأ إليه سابقًا - قدَّس الله سرّه العزيز -، فمنحه حضرة الشيخ الإِجازة العامّة بجميع ما كانت تصح له روايته عن شيخيه المعروفين والإِمامين الهمامين، مولانا العارف بالله الشهير في الآفاق مولانا الشيخ محمد إسحاق العمري (٢) الدهلوي ثم المكي- قدَّس الله سرّه العزيز-، ومولانا العارف بالله الشيخ محمد عابد الأنصاري (٣) الحنفي السندي ثم المدني- قدَّس الله سرّه العزيز-، وأسانيدهما مشهورة.

ثم بعد رجوعه من هذه السفرة الأولى حداه القضاء والقدر لتكميل أهل "بهاول بور" وتربيتهم، فَأَدَّى هذه الخدمة الشريفة لدى بعض الخواص من سُكّانها، ثم ولي خدمة التدريس والإِفادة بمدرستها المشهورة لدى أرباب العلم والإِفاضة، فأقام هنالك اثنتي عشرة سنة يسقي ظِماءهم بفراته، ويداوي جرحاهم بمرهم وعظه وشفاء كلماته، فدرَّس هنالك وصنَّف، وقلوبًا أحياها، وآذانًا (٤) شنف، فضرب الناس بعطن، وانقطع عنهم الظمأ وحرارة الفتن.

ثم ولي بعد إقامته برهة بـ "بريلي" تدريس أعالي الفنون وكتب الحديث بالمدرسة العالية الديوبندية المشهورة في القديم والحديث، فلم يزل ينوّر قلوب الطالبين بشموس علومه ومعارفه، ويحيي أرواح عفاة الفنون بمعجزات البيان ومعالمه، إلى أن حان أن ينتبه طالع "مظاهر العلوم"، ومنذ مدّة كان غاربًا في النوم والغفلة، فاستولت عليها حوادث الدهر،


(١) انظر ترجمته في: "مقدمة أوجز المسالك" (١/ ١٤٤).
(٢) انظر: المصدر السابق (١/ ٣١).
(٣) انظر ترجمته في: "اليانع الجني" (ص ٩٩)، و"البدر الطالع" (٢/ ٢٢٧).
(٤) في الأصل: "أحزانًا" والصواب ما أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>