للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَوْ يَقْتُلُ نَفْسًا فَيُقْتَلُ بِهَا". [ت ٤٠١٦، حم ٦/ ٢٠٥]

===

ولما ارتدّ عن الإسلام صار كافرًا، فإذا قتل لم يصدق عليه أنه قتل مسلمًا.

(أو يقتل نفسًا) متعمدًا (فَيُقْتَل بها).

قال ابن جرير (١): واختلف أهل العلم في المستحق اسمَ المحارب لله ورسوله، الّذي يلزمه حكم هذه، فقال بعضهم: هو اللص الّذي يقطع الطريقَ، وهو عطاء الخراساني، وقتادة، وقال آخرون: هو اللص المجاهر بلصوصيَّته، المكابر في العصر وغيره، وممن قال ذلك الأوزاعي، وقال مالك بن أنس: من حمل السلاح على المسلمين في مصرٍ أو خلاء، فكان ذلك منه على غير نائرة كانت بينهم، ولا دخل ولا عداوة، قاطعًا للسبيل والطريق والديار، مخيفًا لهم بسلاحه، فقتل أحدًا منهم قتله الإمام كقتله المحارب.

وقال الوليد: سألت [عن] ذلك اللَّيث بن سعد وابن لهيعة، قلت: تكون المحاربة في دور العصر والمدائن والقرى؟ فقالا: نعم، إذا هم دخلوا عليهم بالسيوف علانية أو ليلًا بالنيران، فقلت: إذا أخذوا المال ولم يقتلوا؟ فقال: نعم هم المحاربون، فإن قتلوا قُتلوا، وإن لم يقتلوا وأخذوا المال قُطِعُوا من خلاف إذا هم خرجوا به من الدَّار، وليس من حارب المسلمين في الخلاء والسبيل بأعظم من محاربة من حاربهم في حريمهم ودورهم، وهو قول (٢) الشّافعيّ.

وقال آخرون: المحارب هو قاطع الطريق، فأمّا المكابر في الأمصار فليس بالمحارب الّذي له حكم المحاربين، وممن قال ذلك أبو حنيفة وأصحابه.

ثمّ اختلف أهل التّأويل في هذه الخلال أتلزم المحارب باستحقاقه اسمَ المحاربة، أم يلزمه ما لزمه من ذلك على قدر جرمه مختلفًا باختلاف إجرامه؟ خص ابن عبّاس إذا حارب فقتل، فعليه القتل إذا ظُهِرَ عليه قبل توبته،


(١) "جامع البيان" (٤/ ٦/ ٢١٠ - ٢١٤).
(٢) والمذاهب في "المغني" تخالف هذا، فليرجع إليه. [راجع: "المغني" (١٢/ ٤٧٤)]. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>