للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وإذا حارب وأخذ المال وقتل، فعليه الصلب إن ظُهِرَ عليه قبل توبته، وإذا حارب وأخذ ولم يقتل، فعليه قطع اليد والرَّجل من خلاف إن ظُهِر عليه قبل توبته، وإذا حارب وأخاف السبيل، فإنّما عليه النَّفْي.

وقال آخرون: الإمام فيه بالخيار أن يفعل أيَّ هذه الأشياء الّتي ذكر الله في كتابه.

ومذهب الحنفية ما قال "في البدائُع" (١): قطع الطريق أربعة أنواع:

إمّا أن يكون بأخذ المال لا غير؛ وإما أن يكون بالقتل لا غير؛ وإما أن يكون بهما جميعًا؛ وإما أن يكون بالتخويف من غير أخذ ولا قتل.

فمن أخذ المال ولم يقتل قُطِعت يده ورجله من خلاف، ومن قتل ولم يأخذ المال قُتِل، ومن أخذ المال وقتل، قال أبو حنيفة - رحمه الله -: الإمام بالخيار، إن شاء قطع يده ورجله، ثمّ قتله أو صلبه، وإن شاء لم يقطعه وقتله أو صلبه. وعندهما: يقتل ولا يقطع.

ومن أخاف ولم يأخذ مالًا ولا قتل نفسًا يُنفى، والنَّفْي في قوله تبارك وتعالى: {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} (٢)، قال بعضهم: المراد منه وينفوا من الأرض بحذف الألف (٣)، ومعناه: وينفوا من الأرض بالقتل والصلب، إذ هو النَّفْي من وجه الأرض حقيقة، وهذا على قول من تأول الآية الشريفة في المحارب الّذي أخذ المال، وقيل: إن الإمام يكون مخيرًا بين الأجزية الثّلاثة، والنَّفْي من الأرض ليس غير واحد من هذه الثّلاثة في التخيير؛ لأن بالقتل والصلب يحصل النَّفْي، فكذا لا يجوز أن يجعل النَّفْي مشاركًا الأجزيةَ الثلاثةَ في التخيير؛ لأنه لا يزاحم القتل لأنه دونه بكثير، وقيل: نفيه أن يطرد حتّى يخرج من دار الإسلام، وهو قول الحسن.


(١) "بدائع الصنائع" (٦/ ٥١، ٥٣).
(٢) سورة المائدة: الآية ٣٣.
(٣) كذا في "البدائع"، والظاهر "بحذف الهمزة".

<<  <  ج: ص:  >  >>