نا حماد، أنا يوسف، عن الحارث بن حاطب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتي بلص فقال: اقتلوه، فقالوا: يا رسول الله! إنما سرق، قال: اقطعوا يده، قال: ثم سرق، فقطعت رجلُه, ثم سرق على عهد أبي بكر - رضي الله عنه - حتى قُطعت قوائمه كلها، ثم سرق أيضًا الخامسةَ، فقال أبو بكر -رضي الله عنه -: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلَم بهذا حين قال: اقتلوه، ثم دفعه إلى فتية من قريش ليقتلوه، منهم عبد الله بن الزبير، وكان يحب الإمارة، فقال: أمِّروني عليكم فأَمَّروه عليهم، فكان إذا ضرب ضربوه حتى قتلوه.
قال النسائي: ولا أعلم في هذا الباب حديثًا صحيحًا.
وأما ما ذكره من قتل شارب الخمر بعد الرابعة، فقد قال طائفة من العلماء: إن الأمر بقتله في الرابعة متروك بالإجماع، وهذا هو الذي ذكره الترمذي وغيره، وقيل: هو منسوخ بحديث عبد الله بن حمار "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقتل في الرابعة"، وقال الإمام أحمد- وقد قيل له: لم تركته؟ - فقال: لحديث عثمان: "لا يحل دم أمرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث"، وفي ذلك كله نظر.
أما دعوى الإجماع على خلافه فلا إجماع.
قال عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو:"ائتوني به في الرابع، فعلي أن أقتله"، وهذا مذهب بعض السلف.
وأما ادعاء نسخه بحديث عبد الله بن حمار، فإنما هو بثبوت تأخره، والإتيانِ به بعد الرابعة، ومنافاتِه للأمر بقتله.
وأما دعوى نسخه بحديث:"لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث"؛ فلا يصح لأنه عام، وحديث القتل خاص.
والذي يقتضيه الدليل أن الأمر بقتله ليس حتمًا، ولكنه تعزير بحسب المصلحة، فإذا أكثر الناس من الخمر، ولم ينزجروا من الحد فرأى الإِمام