للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وهَذَا اخْتِصَارٌ مِنَ الْحَدِيثِ الأَوَّلِ.

===

قال الشوكاني (١): ويشهد لأصل الحديث ما أخرجه البخاري في الصحيح عن سعيد بن الحارث، قلت لجابر: الوضوء مما مست النار؟ قال: لا, وللحديث شاهد من حديث محمد بن مسلمة أخرجه الطبراني في "الأوسط" ولفظه: "أكل آخر أمره لحمًا، ثم صلَّى ولم يتوضأ".

(قال أبو داود (٢): وهذا اختصار (٣) من الحديث الأول) ولفظ "هذا" إشارة إلى قول جابر: "كان آخر الأمرين"، الحديث.

والمراد من الحديث الأول الحديث الذي تقدم وهو حديث محمد بن المنكدر، قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: قربت للنبي - صلى الله عليه وسلم -، الحديث.

والذي يفهم من كلام البيهقي أن المصنف أشار بهذا الكلام إلى أن من استدل بقول جابر هذا على نسخ وجوب الوضوء مما مسته النار، فاستدلاله بهذا القول غير سديد، فإن هذا القول لا يدل على أن ترك الوضوء بما مسته النار كان آخر فعله - صلى الله عليه وسلم - مطلقًا، بل هذا اختصار من


(١) "نيل الأوطار" (١/ ٢٧١).
(٢) قلت: والحديث سكت عليه النسائي، وقال ابن رسلان: وتأول الحديث بعضهم أن المراد بآخر الأمرين أي من الصلاتين لا مطلقًا، ومنهم أبو داود، فعندهم أحاديث ترك الوضوء منسوخة بأوامر الوضوء، وقال النووي: هذا الذي قالوه ليس كما زعموه، وتأويلهم حديث جابر خلاف الظاهر بغير دليل، فلا يقبل، والجمهور على أن الوضوء منسوخ بحديث جابر هذا وهو الصحيح، انتهى.
قلت: ويأبى هذا التأويل ما أخرجه البخاري في "صحيحه" في "باب المنديل" عن جابر: "كنا لا نتوضأ مما مست النار"ح (٥٤٥٧). (ش).
(٣) وقال الشوكاني (١/ ٢٧١): في الحديث علة أخرى أن ابن المنكدر لم يسمعه عن جابر، بل سمعه عن عبد الله بن محمد بن عقيل، قلت: لكن الطريق الأول يأباه. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>