للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال الطحاوي: والحجة لهم حديث أنس في قصة الربيع عمته، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كتاب الله القصاص" فإنَّه حكم بالقصاص ولم يخير، ولو كان الخيار للولي لأَعْلَمَهم النبي - صلى الله عليه وسلم -.

واحتجَّ أيضًا بأنهم أجمعوا على أن الولي لو قال للقاتل: رضيتُ أن تعطيني كذا على أن لا أقتلَك أن القاتل لا يجبر على ذلك ولا يؤخذ منه كرهًا، انتهى. كذا في "الفتح" (١).

وأصل الاختلاف أن القصاص واجبٌ عينًا عند الحنفية، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} (٢)، وهذه الآية تُوجب القصاصَ موجبًا، ويبطل مذهب الإبهام جميعًا حتى لا يملك الولي أن يأخذ الديةَ من القاتل من غير رضاه و [لو] مات القاتل أو عفا الولي سقط الموجب أصلًا.

وللشافعي رضي الله عنه قولان: في القولِ القصاصُ (٣) ليس واجب عينًا، بل الواجب أحد الشيئين غير عين، إما القصاص وإما الدية، وللولي خيار التعيين إن شاء استوفى القصاص وإن شاء أخذ الدية من غير رضا القاتل.

فعلى هذا القول إذا مات القاتل يتعين المال واجبًا، وإذا عفا الولي سقط الموجب أصلًا.

والقول الثاني القصاص واجب عينًا، لكن للولي أن يأخذ المال من غير رضا القاتل، وإذا عفا له أن يأخذ المال، وإذا مات القاتل سقط الموجب أصلًا، كذا في "البدائع" (٤).


(١) "فتح الباري" (١٢/ ٢٠٩).
(٢) طرف من آية من سورة البقرة ١٧٨.
(٣) هكذا في الأصل، وفي "البدائع": "في قول القصاص ... " إلخ، وهو الصواب.
(٤) "بدائع الصنائع" (٦/ ٢٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>