للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ثم استدل البخاري على عدم النقض بآثار: أولها: قول الحسن: "ما زال المسلمون يصلون في جراحاتهم" وذلك لا يجديهم نفعًا، فإنه لا يستلزم أن يكون جراحاتهم سائلة الدم، ولو سلم فلكونهم معذورين لا ينقض طهارتهم، فمن له جراحة سائلة لا يترك الصلاة لأجلها، بل يصلي وجراحته إما معصبة أو مربوطة بجبيرة، مع ذلك لو خرج شيء لا تفسد صلاته.

وقد روى ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١): عن هشام عن يونس عن الحسن: أنه كان لا يرى الوضوء من الدم إلَّا ما كان سائلًا، وهذا مذهبه على خلاف ظاهر ما روى، فثبت أنه مؤول.

وثانيها: قول طاوس ومحمد بن علي وعطاء وأهل الحجاز: "ليس في الدم وضوء"، قال العيني (٢): وليس هذا بحجة لهم, لأنهم لا يرون العمل بفعل التابعي، ولا هو حجة على الحنفية من وجهين:

الأول: أنه لا يدل على أنهم كانوا يصلون والدم سائل، يعني أن لفظ الدم في قولهم: "ليس في الدم وضوء" لا يستلزم كونه دمًا سائلًا، بل يمكن أن يحمل على غير السائل، وليس فيه الوضوء عندنا أيضًا.

والثاني: لو سلمنا ذلك، فالمنقول عن أبي حنيفة - رحمه الله- أنه كان يقول: التابعون رجال ونحن رجال يزاحموننا ونزاحمهم.

ثم ذكر البخاري: عَصَرَ ابنُ عمر بَثْرَةً فخرج منها الدم ولم يتوضأ، وبزق ابن أبي أوفى دمًا فمضى في صلاته، وقال ابن عمر والحسن فيمن احتجم: ليس عليه إلَّا غسل محاجمه.


(١) (١/ ١٦٢).
(٢) "عمدة القاري" (٢/ ٥٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>