وكتب مولانا محمَّد يحيي المرحوم في "التقرير": قوله: "يُجمعُ في بطن أُمِّه" كما هو من غير أن يتغيَّر خلقه إلى صورة أخرى، وقد ورد في بعض الروايات أقل من ذلك، حتى ورد كل التكونات في أربعين صباحًا وأقل من ذلك أيضًا، ونسبة أربعة أشهر بالسنتين قريبة من نسبة أربعين إلى ثمانية أشهر الذي هو مقدار التكونات، وأما الشهر التاسع فالولَدَ يصير فيه ذَا حياةٍ.
والحاصل: أن اختلاف الروايات في ذلك مبني على اختلاف مُدَد الحمل، فمِنْ مَولُودٍ يُولد لستة أشهر، ومِنْ مَوْلودٍ يُولد لسنتين، وبينهما مراتب كثيرة، وهذا إذا لم يَعْتر عارضٌ من مَرَضٍ، وإلا فقد يزيد وينقُص، فلا يعترض على الروايات بتجربات الأطباء، ولا تعارض في مؤدى الروايات أيضًا، فاغْتَنِم فإنه غريب.
(ثم يكون علقةً) أي دمًا غليظًا (مثل ذلك) أي أربعين يومًا، (ثم يكون مُضغةً) أي قطعة لحم قدْر ما يمضغ (مثل ذلك) أي أربعين يومًا، (ثم يَبعث الله إليه مَلَكًا فيؤمرُ) أي الملك (بأربعِ كلماتٍ) أي بكتابتها (فَيكتُبُ رزقَه (١)، وأجلَه، وعملَه، ثم يَكتب شقيٌّ أو سعيدٌ، ثم ينفخ فيه الروح، فإنّ أحدكم ليعملُ بعمل أهلِ الجنةِ حتى ما يكونُ بينه وبينها إلَّا ذراعٌ أو قيدُ ذراع) أي قدر ذراع، تمثيل بغاية قربها (فيسبِق عليه الكتاب) الذي كتبه الملَك (فيعملُ بعمل أهل النار
(١) يشكل عليه ما ورد في الروايات من بسط الرزق لصلة الرحم وغيره، وأجيب: بأن المراد البركة، كذا في "الأوجز" (١٦/ ٤٧). (ش).