للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فإن قلت: قال الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا} (١)، سمَّاه ماء، وهو في الحقيقة ليس بماء، فدل على أنه أراد به التشبيه في الحكم، ومن حكم الماء أن يكون طاهرًا، قلت: إن تسميته ماء لا تدل على طهارته، فإن الله تعالى سمى مني الدواب ماء بقوله: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ} (٢) فلا يدل ذلك على طهارة مني الحيوان.

فإن قلت: إنه أصل الأنبياء والأولياء، فيجب أن يكون طاهرًا، قلت: هو أصل الأعداء أيضًا، كنمرود وفرعون وهامان وغيرهم، على أنا نقول: العلقة أقرب إلى الإنسان من المني، وهو أيضًا أجل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ومع هذا لا يقال: إنها طاهرة.

وقال هذا القائل أيضًا: وترد الطريقة الثانية أيضًا ما في رواية ابن خزيمة من طريق أخرى عن عائشة -رضي الله عنها -: كانت تسلت المني من ثوبه - عليه السلام - بعرق الإذخر ثم يصلي فيه، وتحته من ثوبه يابسًا، ثم يصلي فيه، فإنه يتضمن ترك الغسل في الحالتين، قلت: رد الطريقة الثانية بهذا غير صحيح، وليس فيه دليل على طهارته، وقد يجوز أن يكون كان عليه الصلاة والسلام يفعل ذلك فيطهر الثوب، والحال أن المني في نفسه نجس، كما قد روي فيما أصاب النعل من الأذى، وهو ما رواه أبو داود من حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا وطئ الأذى بخفيه فطهورهما التراب"، والمراد من الأذى النجاسة.

وقال هذا القائل أيضًا: فأما مالك فلم يعرف الفرك، والدمل عندهم على وجوب الغسل كسائر النجاسات. قلت: لا يلزم من عدم معرفة الفرك


(١) سورة الفرقان: الآية ٥٤.
(٢) سورة النور: الآية ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>