والصحيح أن احترام أهل الفضل من أهل العلم والصلاح والشرف بالقيام جائز، وفي "مطالب المؤمنين": لا يكره قيام الجالس لمن دخل تعظيمًا، والقيام ليس مكروهًا لعينه، وإنما المكروه محبة القيام لمن الذي يقام له، وما جاء من كراهته - صلى الله عليه وسلم - قيام الصحابة له فهو من جهة الاتحاد الموجب لرفع التكلف لا للنهي.
وقال النووي (١): القيام للقادم من أهل الفضل مستحب، وقد جاءت فيه أحاديث، ولم يصح في النهي عنه شيء تصريحًا، فَعُلِمَ أن القيام المذكور مما تكلم فيه العلماء ليس كما يقال: إنه بدعة لم يكن في زمنه - صلى الله عليه وسلم -، نعم لم يكن متعارفًا فيه كما في هذا الزمان، بل كانوا غير متكلفين في أحد الجانبين، بل الظاهر أن الغالب عدم القيام، وأما إنه بدعة مطلقًا فكَلَّا، انتهى ملخصًا.
وكتب مولانا محمد يحيى المرحوم في "التقرير": قوله: باب في القيام، وهو جائز في نفسه ما لم يعترِ عليه عارض يخرجه من الجواز إلى الكراهة، مثل خوف افتتان الذي قام له، فيخاف عليه أن يصير يحب القيام له، فهذا لا يجوز لما فيه من تعريض دينه بالفساد، إلَّا أن يخاف على نفسه أو عرضه شيئًا.
وكذلك لا يجوز له أن يقوم لغيره رياء وسمعة، وليس له في قلبه شيء من المودة أو العظمة الباعثة له على القيام، فلا يقوم إلَّا موافقًا ظاهره بباطنه، إلَّا أن يخاف فتنة على نفسه أو عرضه فيجوز له ارتكاب هذا المكروه خوفًا من أن يبتلي بأكثر منها.
وأما الذي أورده المؤلف من الروايات فليس شيء منها كافيًا لإثبات المدعى، لأن القيام فيها ليس بقيام تعظيم، وفيه الكلام، وإنما هو قيام إعانة وإمداد في الأول، وقيام معانقة في الثاني أو غير ذلك، إلَّا أن يثبت المدعى