للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ومما يجب أن ينبه عليه أن الإِمام محمد بن الحسن قال في "موطئه" (١) بعد ما أخرج هذا الحديث في "باب الحدث في الصلاة" من طريق مالك: ثنا إسماعيل بن أبي حكيم عن عطاء بن يسار مرسلًا، قال: وبهذا نأخذ، من سبقه حدث في صلاة، فلا بأس أن ينصرف ولا يتكلم فيتوضأ، ثم يبني على ما صلى، وهو قول أبي حنيفة - رحمه الله تعالى-.

فالإمام محمد فهم من هذا الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحرم بالصلاة وكبر، ثم سبقه الحدث فرجع فتوضأ، فصلى للناس.

قال مولانا الشيخ عبد الحي: استنباط هذه المسألة من حديث الباب كما فعله محمد غير صحيح بوجوهٍ:

أولها: أنه قد رُويت قصة انصراف النبي - صلى الله عليه وسلم - من الصلاة في "الصحيحين" من حديث أبي هريرة بلفظ: "انتظرنا أن يكبر"، ولفظ: "قبل أن يكبر"، فيحمل قوله: "كبر" على أنه أراد أن يكبر، قلت: وهذا غير وارد عليه فلعل عنده - رحمه الله تعالى- واقعتان مختلفتان، وقال النووي: إنه الأظهر، وجزم به ابن حبان.

وثانيها: أن انصراف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما كان لأجل أنه كان جنبًا فنسي، كما أوضحته رواية الدارقطني: "ثم رجع وقد اغتسل"، وقد ورد في البخاري وغيره التصريح بأنه اغتسل، ثم رجع ورأسه يقطر ماءً، فعلم أن انصرافه كان لحدث سابق على الصلاة.

وثالثها: أنه ورد في البخاري وغيره أنه رجع بعد ما اغتسل، والحدث الذي يجوز بحدوثه في الصلاة البناء إنما هو الذي يوجب الوضوء، لا الذي يوجب الغسل.


(١) "التعليق الممجد" (١/ ٥٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>