رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو عن غيره، فأما إن كان من قوله - صلى الله عليه وسلم - فلم يثبت بقوله - صلى الله عليه وسلم - أن الفرق اثنا عشر مدًا أو ستة عشر رطلًا، وأما قول بعض أهل اللغة فليس بحجة على أئمة الأحناف, لأنهم قدوة في اللغة أيضًا.
وأيضًا الجملة الواقعة في الحديث:"أن يطعم فرقًا بين ستة" لا نسلم أن يكون من لفظه - صلى الله عليه وسلم -، بل يمكن أن يكون لفظه - صلى الله عليه وسلم -: "لكل مسكين نصف صاع"، رواه الراوي بالمعنى بما تقرر عنده من مساواة الفرق بثلاثة آصع، فقال:"فأمره أن يطعم فرقًا بين ستة"، وسياق لفظ الحديث ظاهر فيما قلنا، فلما وقع ذلك الاحتمال بطل استدلالهم به.
وأيضًا احتجوا بما أخرجه البيهقي عن الحسين بن الوليد القرشي من قصة قدوم أبي يوسف من الحج، وفحصه عن الصالح لما قدم المدينة، وسأل عن الصاع فأتاه نحو خمسين شيخًا من أبناء المهاجرين مع كل منهم صاعه، وهو يخبر عن أبيه أو عن عمه أو أمه أن هذا صاع رسول الله فعيَّره أبو يوسف فإذا هو خمسة أرطال وثلث، فترك قول أبي حنيفة، وروى أن مالكًا ناظره، واستدل عليه بالصيعان التي جاء بها هؤلاء الرهط، فرجع أبو يوسف إلى قوله.
والجواب عنه: أن هذا نقل عن المجهولين لا يستدل به، ولا يصح الاستدلال بمثل هذا على قاعدة المحدثين.
وأيضًا احتج الطحاوي (١) لهذا الفريق بما أخرجه بسنده عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: "كنت أغتسل أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد وهو الفرق"، وفي رواية:"من إناء واحد من قدح يقال له: الفرق".