إنه يكتب له بكل خطوة أجر كالحاج وإن تغاير الأجران كثرة وقلة أو من حيث إنه يستوفى أجره من وقت الخروج إلى أن يرجع وإن لم يصلّ إلا في بعض تلك الأوقات كالحاج فإنه يستوفى أجره إلى أن يرجع وإن لم يحج إلا في عرفة. وشبه بالحاج المحرم لكون التطهر من الصلاة بمنزلة الإحرام من الحج لعدم جوازهما بدونهما
(قوله ومن خرج إلى تسبيح الضحى) أى صلاة الضحى وأطلق التسبيح على نافلة الضحى لوجود معنى النفل في كل منهما وكذا كل تطوعّ يسمى تسبيحا وسبحة كما تقدم
(قوله لا ينصبه إلا إياه) أى لا يتعبه شئ إلا هو أى الخروج إليها وينصب بضم المثناة التحتية من أنصبه غيره إذا أتعبه والضمير فاعله والاستثناء مفرّغ وقد وضع الضمير المنصوب موضع المرفوع
(قوله فأجره كأجر المعتمر) جواب من وهو على نحو ما تقدم. وفى هذا إشارة إلى أن صلاة الضحى في المسجد أفضل (قال ابن حجر) المكي ومن هذا أخذ أئمتنا قولهم السنة في الضحى فعلها في المسجد ويكون من جملة المستثنيات من خبر أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة اهـ (وقال في المرقاة) فيه أنه على فرض صحة الحديث يدلّ على جوازه لا على أفضليته أو يحمل على من لا يكون له مسكن أو في مسكنه شاغل ونحوه على أنه ليس للمسجد ذكر في الحديث أصلا فالمعنى من خرج من بيته أو سوقه أو شغله متوجها إلى صلاة الضحى تاركا أشغال الدنيا اهـ
(قوله وصلاة على أثر صلاة) أى عقب صلاة وأثر بفتح الهمزة والثاء المثلثة أو بكسر الهمزة وسكون الثاء. وصلاة مبتدأ خبره قوله كتاب وسوّغ الابتداء بالنكرة وصفها بالجارّ
(قوله لا لغو بينهما) أى لا باطل من كلام الدنيا بين الصلاتين فاللغو الباطل وما لا يعنى من القول من لغا الرجل يلغو من باب قال تكلم باللغو وهو أخلاط الكلام ولا نافية للجنس ولغوا سمها مبنىّ على الفتح. ويجوز أن تكون بمعنى ليس فيكون لغو مرفوعا على أنه اسم لها والجملة في محلّ رفع صفة ثانية لصلاة فالصلاة التى تكتب في عليين موصوفة بشيئين الأول كونها عقب صلاة. الثانى أن لا يكون بينهما باطل من القول كالغيبة والنميمة والكذب وغير ذلك مما لا يعود على المصلى بفائدة أخروية
(قوله كتاب في عليين) أى مكتوب فيه وعليون جمع واحده عليّ مشتق من العلوّ للمبالغة وقيل ملحق بالجمع. وهو علم لديوان الخير الذى دوّن فيه أعمال الأبرار قال تعالى {كلا إن كتاب الأبرار لفى عليين وما أدراك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقرّبون} وقيل اسم لديوان الحفظة ترفع إليه أعمال الصالحين وقال كعب هو قائمة العرش اليمنى. وقال الضحاك هو سدرة المنتهى
(فقه الحديث) دلّ الحديث على أن الذهاب إلى الصلاة فيه فضل عظيم حيث شبهه بالحاج المحرم، وعلى مشروعية صلاة الضحى، وعلى أن الذهاب إليها فيه خير كثير كالذهاب إلى العمرة وعلى مزيد فضل الصلاتين اللتين لم يكن بينهما قول لا يفيد الشخص في آخرته شيئا