للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ولو اغتسل لم يصح منه ذلك, لأن الاغتسال من الجنابة فرض من فروض الدين وهو لا يجزؤه إلَّا بعد الإيمان, كالصلاة والزكاة ونحوهما، وكان مالك يرى أن يغتسل الكافر إذا أسلم.

واختلفوا في المشرك يتوضأ في حال تركه ثم يسلم، فقال أصحاب الرأي: له أن يصلي بالوضوء المتقدم في حال تركه، ولكنه لو كان تيمم ثم أسلم لم يكن له أن يصلي بذلك التيمم، حتى يستأنف التيمم في الإِسلام، إن لم يكن واجدًا للماء، والفرق بين الأمرين عندهم أن التيمم مفتقر إلى النية، ونية العبادة لا تصح من مشرك، والطهارة بالماء غير مفتقرة إلى النية، فإذا وجدت من المشرك صحت في الحكم، كما توجد من المسلم سواء.

وقال الشافعي: إذا توضأ وهو مشرك أو تيمم ثم أسلم كانت عليه إعادة الوضوء للصلاة بعد الإِسلام، وكذلك التيمم لا فرق بينهما, ولكنه لو كان جنبًا فاغتسل ثم أسلم، فإن أصحابه قد اختلفوا في ذلك، فمنهم من قال: يجب عليه الاغتسال ثانيًا كالوضوء سواء، وهذا أشبه، ومنهم من فرق بينهما، فرأى عليه أن يتوضأ على كل حال، ولم ير عليه الاغتسال، فإن أسلم وقد علم أنه لم تكن أصابته جنابة قط في حال كفره، فلا غسل عليه في قولهم جميعًا، وقول أحمد في الجمع بين إيجاب الاغتسال والوضوء عليه إذا أسلم أشبه بظاهر الحديث (١) وهو أولى، انتهى.


(١) العجب كيف هو أشبه، فإن الغسل في الحديث بظاهره قبل الإِسلام، ثم إن جملة المذاهب فيه أنه يجب غسل الكافر إذا أسلم عند أحمد مطلقًا، وعند الأئمة الثلاثة الباقية يجب الغسل لو وجد منه في كفره ما يوجب الاغتسال وإلا فيستحب، لكن لو اغتسل الكافر الجنب يعتبر غسله عندنا، لا عند الشافعي ومالك، بل لا بدَّ من الغسل بعد الإِسلام، وذلك لأنه لا بدَّ للغسل من نية عند الجمهور، ولا نية للكافر. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>