للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ونقل صاحب "الهدي" (١) عن الشافعي وأحمد (٢) والبخاري أنهم قالوا: يعدون الزيادة على الركوعين في كل ركعة غلطًا من بعض الرواة, لأن أكثر طرق الحديث يمكن رد بعضها إلى بعض، ويجمعها أن ذلك كان يوم موت إبراهيم، وإذا اتحدت القصة تعيَّن الأخذ بالراجح، ولا شك أن أحاديث الركوعين أصح.

قال في "الفتح" (٣): وجمع بعضهم بين هذه الأحاديث بتعدد الواقعة، وأن الكسوف وقع مرارًا، فيكون كل من هذه الأوجه جائزًا، وإلى ذلك ذهب إسحاق، لكن لم يثبت عنده الزيادة على أربع ركوعات، وقال ابن خزيمة وابن المنذر والخطابي وغيرهم من الشافعية: يجوز العمل بجميع ما ثبت من ذلك وهو من الاختلاف المباح، وقواه النووي في "شرح مسلم"، والحق إن صح تعدد الواقعة أن الأحاديث المشتملة على الزيادة الخارجة من مخرج صحيح يتعين الأخذ بها لعدم منافاتها للمزيد، وإن كانت الواقعة ليست إلَّا مرة واحدة، فالمصير إلى الترجيح أمر لا بد منه، وأحاديث الركوعين أرجح، انتهى ملخصًا.

قلت: واختلف علماء الحنفية في أن صلاة الكسوف واجبة أم سنَّة؟ فقد ذكر محمد - رحمه الله تعالى- في "الأصل" ما يدل على عدم الوجوب، فإنه قال: ولا تصلَّى نافلة في جماعة إلَّا في قيام رمضان، وصلاة الكسوف، فاستثنى صلاة الكسوف من الصلوات النافلة، والمستثنى من جنس المستثنى منه، فيدل على كونها نافلة، وكذا روى الحسن بن زياد ما يدل عليه، فإنه روى عن أبي حنيفة أنه قال في كسوف الشمس: إن شاؤوا صلوا ركعتين، وإن شاؤوا صلوا أربعًا، وإن شاؤوا صلوا أكثر من ذلك، والتخيير يكون في النوافل لا في الواجبات.


(١) انظر: "زاد المعاد" (١/ ٤٥٣).
(٢) حكى المناوي في "شرح الشمائل" (٢/ ١٤٧) مذهب أحمد: ثلاث ركوعات، فليحرر. (ش).
(٣) "فتح الباري" (٢/ ٥٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>