للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ووقع في حديث جابر عند مسلم: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طاف راكبًا (١) ليراه الناس، وليسألوه"، فيحتمل أن يكون فعل ذلك لأمرين، وحينئذ لا دلالة فيه على جواز الطواف راكبًا بغير عذر، وكلام الفقهاء يقتضي الجواز إلَّا أن المشي أولى، والركوب مكروه تنزيهًا، والذي يترجح: المنعُ.

ثم قال: وأما طواف النبي - صلى الله عليه وسلم - راكبًا فللحاجة إلى أخذ المناسك عنه، ولذلك عده بعض من جمع خصائصه فيها، واحتمل أيضًا أن تكون راحلته عصمت من التلويث حينئذ كرامة له فلا يقاس غيره عليه.

قلت: وعندنا معشر الحنفية: المشي في الطواف للقادر عليه واجب، قال في "لباب المناسك" (٢): الرابع أي من الواجبات المشي فيه للقادر، ففي "الفتح": المشي واجب عندنا، وعلى هذا نص المشايخ وهو كلام محمد، وما في "فتاوى قاضيخان" من قوله: "والطواف ماشيًا (٣) أفضل" تساهل أو محمول على النافلة، بل ينبغي في النافلة أن يجب؛ لأنه إذا شرع فيه وجب فوجب المشي، انتهى.

فلو طاف في طواف يجب المشي فيه راكبًا أو محمولًا زحفًا على استه أو على أربعته أو جنبه أو ظهره كالسطيح (٤) بلا عذر، فعليه الإعادة ما دام بمكة، أو الدم لتركه الواجب، وإن كان تركه بعذر لا شيء عليه، كما في سائر الواجبات.


(١) لا خلاف بينهم في طواف الراكب إذا كان لعذر، أما بدونه فثلاث روايات عن أحمد: الأولى: أنه لا يجزئه، وهو ظاهر كلام الخرقي، والثانية: عليه دم، وبه قلنا ومالك ويؤمر بالإعادة ما دام بمكة، الثالثة: لا شيء عليه، وبه قال الشافعي، كذا في "الأوجز" (٧/ ٤١٦). (ش).
(٢) "شرح القاري على اللباب" (ص ١٥٢).
(٣) وقع في الأصل: "ماش"، وهو تحريف.
(٤) في الأصل: "الشطيح"، وهو تحريف، والصواب: "السطيح"، معناه: المستلقي على قفاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>