ولا يستحق القاتل السلب بدون تنفيل الإِمام عندنا، وعلى قول الشافعي - رحمة الله عليه-: من قتل مشركًا على وجه المبارزة وهو مقبل غير مدبر استحق سلبه، وإن لم يسبق التنفيل من الإِمام, لأن قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قتل قتيلاً فله سلبه" لنصب الشرع، ومثل هذا الكلام في لسان صاحب الشرع لبيان السبب، كقوله عليه السلام:"من بدل دينه فاقتلوه".
ولكنا نقول: لو قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الكلمة بالمدينة بين يدي أصحابه، لم ينقل أنه قال هذا إلَّا بعد تحقق الحاجة إلى التحريض، فإن مالك بن أنس- رحمة الله عليه- قال: لم يبلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في شيء من مغازيه:"من قتل قتيلًا فله سلبه" إلَّا في موضع يوم حنين، وذلك بعد ما انهزم المسلمون، ووقعت الحاجة إلى تحريضهم ليكروا، كما قال الله تعالى:{ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ}(١).
وذكر محمد بن إبراهيم التيمي أنه قال ذلك يوم بدر وحنين أيضًا، وقد كانت الحاجة إلى التحريض يوم بدر معلومة، فعرفنا أنه إنما قال ذلك بطريق التنفيل للتحريض، لا بطريق نصب الشرع.
وأيد ما قلنا ما ذكر عبد الله بن شقيق قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - محاصرًا وادي القرى، فأتاه رجل فقال: ما تقول في الغنائم؟ فقال:"لله تعالى سهم، ولهؤلاء أربعة"، قال: فالغنيمة يغنمها الرجل؟ قال:"إن رميت في جنبك بسهم فلست بأحق به من أخيك المسلم".
فهذا دليل ظاهر على أن القاتل لا يستحق السلب بدون التنفيل، وعلى هذا القول اتفق أهل العراق والحجاز.
وقال أبو حنيفة- رحمة الله عليه-: لا نفل بعد إحراز الغنيمة، وهذا