للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

مذهب أهل العراق والحجاز، وأهل الشام يجوِّزون التنفيل بعد الإحراز، وممن قال به الأوزاعي- رحمة الله عليه-، وما قلنا دليل على فساد قولهم, لأن التنفيل للتحريض على القتال، وذلك قبل الإصابة لا بعدها, ولأن التنفيل لإثبات الاختصاص ابتداء، لا لإبطال حق ثابت للغانمين، أو لإبطال حق ثابت في الخمس لأربابها، وفي التنفيل بعد الإصابة إبطال الحق.

ثم استدل بحديث الحسن في الزمام: "أن رجلًا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زمامًا من شعر من المغنم، فقال: ويلك سألتني زمامًا من نار" ... الحديث، وبحديث مجاهد: "أن رجلًا جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكبَّةٍ من شعر من المغنم، فقال: هب لي هذه، فقال: أما نصيبي منها فلك"، وبحديث أبي الأشعث الصنعاني قال: "جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعه زمام من شعر" الحديث. ثم قال: ولو جاز التنفيل بعد الإصابة لما حرمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك مع صدق حاجته.

ثم قال: والذي روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نفَّل بعد الإحراز، فإنما يُحمل على أنه أعطى ذلك من الخمس باعتبار أنه من المساكين، أو أعطى ذلك من سهم نفسه من الخمس، أو من الصفي الذي كان له، أو أعطى ذلك مما أفاء الله تعالى عليه لا بإيجاف الخيل والركاب، فقد كان الأمر فيها مفوضًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كما قال الله تعالى: {قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} (١).

وذكر عن خالد بن الوليد وعوف بن مالك - رضي الله عنهما- أنهما كانا لا يخمسان الأسلاب، وعن حبيب بن مسلمة ومكحول: "أن السلب مغنم وفيه الخمس"، وهكذا روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما-: وإنما نأخذ بقول هؤلاء لقوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} (٢)، والسلب من الغنيمة،


(١) سورة الأنفال: الآية ١.
(٢) سورة الأنفال: الآية ٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>