للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وقد روت عائشة - رضي الله عنها - قالت: رجع إليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من جنازة بالبقيع وأنا أجد صداعًا في رأسي، وأقول: وَارَأساه؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: "بل أنا وارأساه! ما ضَرَّكِ لو مُتّ قبلي فغسَّلتكِ وكفّنتكِ، ثم صليت عليكِ ودفنتكِ" (١).

قال الشوكاني (٢): فيه دليل أن المرأة يغسلها زوجها إذا ماتت، وهي تغسله قياسًا وبغسل أسماء لأبي بكر، وعلي لفاطمة، ولم يقع لسائر الصحابة إنكار على ذلك (٣) على علي وأسماء - رضي الله عنهما-، وقد ذهب إلى ذلك العترة والشافعية والأوزاعي وإسحاق والجمهور، وقال أحمد: لا تغسله لبطلان النكاح، ويجوز العكس عنده كالجمهور، وقال أبو حنيفة وأصحابه والشعبي والثوري: لا يجوز أن يغسلها لمثل ما ذكرها أحمد، ويجوز العكس عندهم كالجمهور، قالوا: لأنه لا عدة عليه بخلافها.

والجواب عن حديث عائشة - رضي الله عنها - بأنه محمول على الغسل تسببًا، فمعنى قوله: "غسَّلتُكِ" قمت بأسباب غسلكِ حملناه على هذا صيانة لمنصب النبوة عما يورث شبهة نفرة الطباع عنه وتوفيقًا بين الدلائل على أنه يحتمل أنه كان مخصوصًا بأنه لا ينقطع نكاحه بعد الموت بقوله: "كل سبب ونسب ينقطع بالموت إلَّا سببي ونسبي" (٤).

وأما حديث علي - رضي الله عنه - فقد روي أن فاطمة - رضي الله عنها - غسلتها أم أيمن، ولو ثبت أن عليًّا - رضي الله عنه - غسلها، فقد أنكر عليه ابن مسعود حتى قال علي - رضي الله عنه -: أما علمتَ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:


(١) أخرجه ابن ماجه (١٤٦٥)، وأحمد (٦/ ٢٢٨)، والبيهقي (٣/ ٣٩٦)، والدارقطني (٢/ ٧٤).
(٢) "نيل الأوطار" (٢/ ٦٧٦).
(٣) كذا في الأصل، وفي "النيل": "إنكار عَلَى عَلِيٍّ وأسماء ... " إلخ.
(٤) أخرجه أحمد في "المسند" (٤/ ٢٢٢)، والبيهقي في "السنن" (٧/ ٦٤ - ١١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>