للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال أبو حنيفة: كل ذلك جائز، وقال أبو يوسف: كله جائز إلَّا بيع التمر بالرطب، وقال محمد: كله فاسد إلَّا بيع الرطب بالرطب، والعنب بالعنب، وقال الشافعي (١): كله باطل.

فأبو حنيفة يعتبر المساواة في الحال عند العقد، ولا يلتفت إلى النقصان في المآل، ومحمد يعتبرها حالًاومآلًا، واعتبار أبي يوسف مثل اعتبار أبي حنيفة إلَّا في الرطب بالتمر، فإنه يفسده بالنص.

وأصل الشافعي - رحمه الله - ما ذكرنا في مسألة علة الربا، أن حرمة بيع المطعوم بجنسه هي الأصل، والتساوي في المعيار الشرعي مع اليد مخلص، إلَّا أنه يعتبر التساوي ها هنا في المعيار الشرعي في أعدل الأحوال، وهي حالة الجفاف.

واحتج أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله- بما روي عن سعد بن


(١) وبه قال الأئمة الباقية، كما في "المغني" (٦/ ٦٧) وفي حاشية "الموطأ" للإمام محمد، [انظر: "التعليق الممجد" (٣/ ٩٦ - ١٩٧)]، قال محمد بعد حديث الباب: وبهذا نأخذ، لا خير في أن يشتري الرجل قَفِيز رطب بقفيز تمرٍ؛ لأن الرُّطب ينقُصُ إذا جفَّ، فيصير أقل من قفيز، فلذلك فسد البيع فيه.
والحاصل: أن البيع لا يجوز فيه عنده وعندهم، وعند الإِمام جائز؛ لأنهما إما نجس واحد، فيجوز مثله بمثل، أو جنسان، فيجوز كيف شاؤوا؛ وأجاب عن الحديث صاحب "الهداية" (٣/ ٦٤) بأن مداره على زيد بن عياش، وهو مجهول، وأجيب أيضًا بأن الحديث محمول على النسيئة، كما يدل عليه الحديث الآتي عند أبي داود.
وبسطه الوالد في تقرير الترمذي بأن قوله: "أينقص ... " إلخ، إشارة إلى علة الحرمة؛ وبما في هامش "الهداية" عن "المبسوط": أن الحديث إن صح محمول على مال اليتيم إشفاقًا عليه ... إلخ.
قلت: ويؤيده أن الشامي (٧/ ٤١٣) صرَّح بأنه لا يجوز بيع الرديء بالجيد في مال اليتيم، وفي "البحر" (٦/ ١٤٤): لو صحَّ الحديث فهو مخالف للروايات الشهيرة: "التمر بالتمر مثلًا بمثل، وإذا اختلف فكيف شئتم". (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>