من الحيوانات في منيه ثلاثة أوجه: الأصح أنها كلها طاهرة من مأكول اللحم وغيره، والثاني أنها نجسة، والثالث مني مأكول اللحم طاهر ومني غيره نجس, والله تعالى أعلم، انتهى.
واستدل القائلون بطهارة المني بأحاديث الفرك، والقائلون بنجاسته بأحاديث الغسل، قال الحافظ في "الفتح"(١): وليس بين حديث الغسل، وحديث الفرك تعارض, لأن الجمع بينهما واضح على القول بطهارة المني بأن يحمل الغسل على الاستحباب لا على الوجوب، وهذه طريقة الشافعي وأحمد وأصحاب الحديث، وكذا الجمع ممكن على القول بنجاسته بأن يحمل الغسل على ما كان رطبًا والفرك على ما كان يابسًا، وهذه طريقة الحنفية، والطريقة الأولى أرجح, لأن فيه العمل على الخبر والقياس معًا، لأنه لو كان نجسًا لكان القياس وجوب غسله دون الاكتفاء بفركه كالدم وغيره، وهم لا يكتفون فيما لا يعفى عنه من الدم بالفرك.
ويرد الطريقة الثانية أيضًا ما في رواية ابن خزيمة من طريق أخرى عن عائشة "كانت تسلت المني من ثوبه بعرق الإذخر ثم يصلي فيه، وتحكه من ثوبه يابسًا ثم يصلي فيه"، فإنه يتضمن ترك الغسل في الحالتين.
وأما مالك فلم يعرف الفرك وقال: إن العمل عندهم على وجوب الغسل كسائر النجاسات، وحديث الفرك حجة عليهم، وحمل بعض أصحابه الفرك على الدلك بالماء، وهو مردود بما في إحدى روايات مسلم عن عائشة:"لقد رأيتني وإني لأحكه من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يابسًا بظفري"، وبما صححه الترمذي من حديث همام بن الحارث: أن عائشة أنكرت على