للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ضيفها غسله الثوب، فقالت: لم أفسد علينا ثوبنا؟ إنما كان يكفيه أن يفركه بأصابعه، فربما فركته من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأصابعي.

وقال بعضهم: الثوب الذي اكتفت فيه بالفرك ثوب النوم، والثوب الذي غسلته ثوب الصلاة، وهو مردود أيضًا بما في إحدى روايات مسلم من حديثها أيضًا: "لقد رأيتني أفركه من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فركاً فيصلي فيه"، وهذا التعقيب بالفاء ينفي احتمال تخلل الغسل بين الفرك والصلاة، وأصرح منه رواية ابن خزيمة: "أنها كانت تحكه من ثوبه - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي"، وعلى تقدير عدم ورود شيء من ذلك فليس في حديث الباب ما يدل على نجاسة المني؛ لأن غسلها فعل وهو لا يدل على الوجوب بمجرده، والله أعلم، انتهى.

وقال العيني في "شرح البخاري" (١) رادًّا على ما قال الحافظ بقوله: ثم إن بعضهم ذكر في أول هذا الباب كلامًا لا يذكره من له بصيرة ورؤية، وفيه رد لما ذهب إليه الحنفية، ومع هذا أخذ كلامه هذا من كلام الخطابي مع تغيير، وهو أنه قال: وليس بين حديث الغسل وحديث الفرك تعارض إلى آخر ما قال: وهم لا يكتفون فيما لا يعفى عنه من الدم بالفرك.

قلت: من هو الذي ادّعى تعارضًا بين الحديثين المذكورين حتى يحتاج إلى التوفيق، ولا نسلم التعارض بينهما أصلًا، وحديث الغسل يدل على نجاسة المني بدلالة غسله، وكان هذا هو القياس أيضًا في يابسه، ولكن خص في حديث الفرك، وقوله: بأن يحمل الغسل على الاستحباب للتنظيف لا على الوجوب كلام واهٍ، وهو كلام من لا يدري مراتب الأمر الوارد من الشرع، فأعلى مراتب الأمر الوجوب، وأدناها الإباحة،


(١) "عمدة القاري" (٢/ ٦٣٥ - ٦٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>