=ومسلم وغيرهما، ومعنى الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قدم المدينة مهاجراً وجد أهل المدينة وهم أهل زروع وثمار يسلفون، وذلك بأن يقدموا الثمن ويؤجلوا المثمن من الثمار مدة سنة أو سنتين أو ثلاث سنين، فأقرهم - صلى الله عليه وسلم - على هذه المعاملة، ولم يجعلها من باب بيع ما ليس عند البائع المفضي إلى الغرر، لأن السلف متعلقة الذمم لا الأعيان، ولكن بين لهم - صلى الله عليه وسلم - في المعاملة أحكاماً تبعدهم عن المنازعات والمخاصمات التي ربما يجرها طول المدة في الأجل فقال «من أسلف في شيء ... »، وذكر الحديث.
أي من أسلف في شيء فليضبط قدره بمكياله وميزانه الشرعيين المعلومين، وليربطه بأجل معلوم حتى إذا عرف قدره وأجله انقطعت الخصومة والمشاجرة واستوفى حقه بسلام، هذا معنى الحديث.
- فائدة: السلم إذا تم أصبح عقداً لازماً يشترط له شروط: وهذه الشروط لها علاقة وثيقة بأركان السلم، فكل ركن له شروط معتبرة، ولذا نقول لا بد من بيان الأركان ثم بيان الشروط المعتبرة في هذه الأركان.
أركان السلم ثلاثة:
الأول: الصيغة: وهي الإيجاب والقبول، أو ما يقوم مقامهما عرفاً.
الثاني: العاقدان: وهما «المسلم، والمسلم إليه».
الثالث: المحل: وهما شيئان «رأس المال، والمسلم فيه».
أولاً: الصيغة: اتفق الفقهاء على صحة الإيجاب بلفظ السلم أو السلف وكل ما اشتق منهما «كأسلفتك»، أو «أسلمتك وأعطيتك»، كذا سلماً أو سلفاً.