للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= «فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ» (١). فدل على أن بر الوالدين مقدم على الجهاد، ولأن الأصل في الجهاد أنه فرض على الكفاية ينوب عنه غيره فيه، وبر الوالدين فرض يتعين عليه؛ لأنه لا ينوب عنه فيه غيره.

وأما إن كان الأبوان كافرين أو أحدهما، فيرى جمهور الفقهاء أنه يجوز أن يجاهد من غير إذنهما؛ لأن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كانوا يجاهدون، وفيهم من له أبوان كافران من غير استئذانهما، منهم أبو بكر الصديق وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة كان مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبوه رئيس المشركين، ولأن الكافر متهم في الدين بالمنع من الجهاد لمظنته قصد توهين الإسلام.

وقال الحنفية (٢) «إنه لا يخرج إلا بإذن الأبوين الكافرين أو أحدهما إذا كره خروجه مخافةً ومشقةً، وأما إذا كان لكراهة قتال أهل دينه فلا يطيعه ما لم يخف عليه الضيعة. إذ لو كان معسراً محتاجاً إلى خدمته فرضت عليه ولو كافراً، وليس من الصواب ترك فرض عين ليتوصل إلى فرض كفاية، وذلك لعموم الأحاديث»، وإنما يجب استئذان الأبوين في الجهاد إذا لم يكن متعيناً، ولكن إذا تعين عليه الجهاد فلا إذن لهما من غير خلاف بين الفقهاء؛ لأنه صار فرض عين، وتركه معصية، ولا طاعة لأحد في معصية الله.


(١) رواه البخاري في الجهاد والسير - باب الجهاد بإذن الأبوين (٣٠٠٤)، ومسلم في البر والصلة والآداب - باب بر الوالدين وأنهما أحق به (٢٥٤٩).
(٢) حاشية ابن عابدين (٣/ ٢٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>