للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيْ ثَلاثِ سِنِيْنَ، فِيْ رَأْسِ كُلُّ سَنَةٍ ثُلُثُهَا (١)،

ــ

=وفي رواية أُخرى (١) في المذهب، أنها على القاتل كالعمد لأن هذا القتل موجَب فعل قصده الجاني، فلا تتحمله العاقلة عنه كالعمد المحض، ولأن دية هذا القتيل دية مغلظة، فأشبهت دية العمد.

والراجح عندي هو قول الجمهور، والدليل على ذلك حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: «اقْتَتَلَتْ امْرَأَتَانِ مِن هُذَيلٍ، فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا، فَاخْتَصَمُوا إِلَى رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَضَى رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ عَبْدٌ أَو وَلِيدَةٌ، وَقَضَى أَنَّ دِيَةَ المَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا ... » الحديث (٢).

وإنما كانت دية شبه العمد والخطأ على العاقلة، لأن ذلك لما وقع بدون قصد من الجاني ناسب مساعدتهم له ولو كان غنياً، ولكن تخفف عنهم بتوزيعها عليهم حسب قربهم وقدرتهم وتؤجل، كما سيأتي.

(١) قوله «فِيْ ثَلاثِ سِنِيْنَ، فِيْ رَأْسِ كُلُّ سَنَةٍ ثُلُثُهَا»: أي وتؤدى دية شبه العمد مؤجلة في مدى ثلاث سنين، في رأس كل سنة ثلثها، وكونها في آخر السنة لتتمكن العاقلة دفعها من إنتاج المواسم.

وكونها في كل سنة الثلث، توزيعاً لها على السنين الثلاث، فإذا كانت المصلحة في دفعها حالّة، فإنها تدفع حالة ولا تؤجل، فإذا رأى القاضي أو السلطان أنها تدفع حالة، فلتدفع حالة، كما لو كان يخشى من =


(١) المغني مع الشرح الكبير (٩/ ٤٨٢).
(٢) أخرجه البخاري في الديات - باب جنين المرأة وأن العقل على الوالد وعصبة الوالد لا على الولد (٦٩١٠)، مسلم في القسامة - باب دية الجنين (٣٦/ ١٦٨١) عن أبي هريرة -رضي الله عنه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>