للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ فِيْ اسْتِيْفَاءِ القِصَاصِ فِيْ الْحَرَمِ وَالغَزْوِ

وَمَنْ أَتىَ حَدًّا خَارِجَ الْحَرَمِ، ثُمَّ لَجَأَ إِلى الحَرَمِ، أَوْ لَجَأَ إِلَيْهِ مَنْ عَلَيْهِ قِصَاصٌ، لَمْ يُسْتَوْفَ مِنْهُ حَتَّى يَخْرُجَ (١)،

ــ

(١) قوله «فَصْلٌ فِيْ اسْتِيْفَاءِ القِصَاصِ فِيْ الْحَرَمِ وَالغَزْوِ. وَمَنْ أَتىَ حَدًّا خَارِجَ الْحَرَمِ، ثُمَّ لَجَأَ إِلى الحَرَمِ، أَوْ لَجَأَ إِلَيْهِ مَنْ عَلَيْهِ قِصَاصٌ، لَمْ يُسْتَوْفَ مِنْهُ حَتَّى يَخْرُجَ»: أي من وجب عليه حد من حدود الله كجلد أو رجم أو قصاص أو قطع ثم لجأْ إلى الحرم هارباً، فإنه لا يقام عليه الحد. هذا معنى كلامه -رحمه الله-.

وما ذكره المؤلف هنا محل خلاف بين الفقهاء، فالمشهور في مذهب الإمام أحمد (١)، وهو اختيار المؤلف، واختيار ابن القيم (٢) أنه لا يقام عليه الحد في الحرم، لكن: يضيق عليه فلا يؤاكل ولا يشارب ولا يؤوى ولا يبايع ولا يشارى؛ بمعنى: إن استأجر لم يؤجر، وإن طلب ماءً لا يسقى، ولا يجالس، ويناشد الله عز وجل أن يخرج من الحرم إلى الحل ليقام عليه حد الله تعالى، واستدلوا لذلك بأدلة منها:

قوله تعالى {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} (٣)، ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ يَومَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، وإِنَّمَا أحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِن نَهْار، ثُمَ عَادت إلى حُرمَتِها، فَلا يُسْفَكُ فِيهَا دَم ... » (٤).


(١) الإنصاف (١٠/ ١٦٧).
(٢) زاد المعاد في هدي خير العباد (٣/ ٣٨٨).
(٣) سورة آل عمران: الآية ٩٧.
(٤) رواه البخاري في الجزية - باب إثم الغادر للبر والفاجر (٣١٨٩)، ومسلم في الحج - باب تحريم مكة وصيدها (١٣٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>