للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلا يَجُوْزُ لَهُ أَنْ يَقْبَل رِشْوَةً (١)،

ــ

(١) قوله «وَلا يَجُوْزُ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ رِشْوَةً»: الرشوة مثلثة الراء، يقال: رِشوة، ورَشوة، ورُشوة، والرِّشوة بذل شيء يتوصل به الإنسان إلى المقصود، أما في الحكم فهي أن يبذل الخصم للقاضي شيئاً يتوصل به إلى أن يحكم له القاضي بما ادعاه، أو يرفع عنه الحكم فيما كان عليه.

والرشوة في القضاء محرمة لما يلي:

أولاً: لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- «لَعَنَ الرَّاشِي، وَالْمُرْتَشِي» (١)، كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما، واللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله، وهذا يقتضي أن تكون الرشوة من كبائر الذنوب.

ثانياً: أن فيها فساد الخلق؛ فإذا كان الخصم إذا أعطى ألفاً حكم له، وإذا أعطى ثمانمائة لم يحكم له، فسيعطي ألفاً، وإذا ظن أن خصمه سيعطي ألفاً أعطى ألفين، وهكذا فيفسد الناس.

ثالثاً: أنها سبب لتغيير حكم الله عزّ وجل؛ لأنه بطبيعة الحال النفس حيّافة ميّالة، تميل إلى من أحسن إليها، فإذا أعطي القاضي رشوة حكم بغير ما أنزل الله، فكان في هذا تغيير لحكم الله تعالى.

رابعاً: أن فيها ظلماً وجَوراً؛ لأنه إذا حكم للراشي على خصمه بغير =


(١) أخرجه الإمام أحمد (٢/ ١٦٤)، وأبو داود في الأقضية - باب في كراهية الرشوة (٣٥٨٠)، والترمذي في الأحكام - باب ما جاء في الراشي والمرتشي في الحكم (١٣٣٦)، وابن ماجه في الأحكام - باب التغليظ في الحيف والرشوة (٢٣١٣)، وابن حبان (١١/ ٤٦٧)، والحاكم (٤/ ١١٥)، والبيهقي (١٠/ ١٣٨). قال الترمذي: «حديث حسن صحيح»، وصححه الحاكم وصححه الألباني والإرواء برقم (٢٦٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>