للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنْ أَرَادَ سَفَرًا يَحِلُّ الدَّيْنُ قَبْلَ مُدَّتِهِ، أَوِ الْغَزْوَ تَطَوُّعًا، فَلِغَرِيْمِهِ مَنْعُهُ، إِلاَّ أَنْ يُوَثِّقَهُ بِذلِكَ (١)، وَإِنْ كَانَ حَالاًّ عَلَى مُعْسِرٍ، وَجَبَ إِنْظَارُهُ (٢)،

ــ

(١) قوله «وَإِنْ أَرَادَ سَفَرًا يَحِلُّ الدَّيْنُ قَبْلَ مُدَّتِهِ، أَوِ الْغَزْوَ تَطَوُّعًا، فَلِغَرِيْمِهِ مَنْعُهُ، إِلاَّ أَنْ يُوَثِّقَهُ بِذلِكَ»: أي إذا أراد المدين أن يسافر والدين يحل أجله قبل عودته من السفر، فللغريم منعه إلا أن يوثق ذلك برهن أو كفيل، ولكن إذا كان سيرجع قبل موعد السداد ففي ذلك روايتان في المذهب (١).

الأولى: أنه له منعه لأن رجوعه مرة أخرى من سفره غير متيقن ولا ظاهر فيملك منعه منه.

الثانية: ليس له منعه لأنه لا يملك المطالبة به في الحال ولا يعلم أن السفر مانع منه عند الحلول فأشبه السفر القصير.

(٢) قوله «وَإِنْ كَانَ حَالاًّ عَلَى مُعْسِرٍ، وَجَبَ إِنْظَارُهُ»: لقوله تعالى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ .. } (٢)، وعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ أُصِيبَ رَجُلٌ في عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - في ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا فَكَثُرَ دَيْنُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ». فَتَصَدَّقَ النَّاسُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَفَاءَ دَيْنِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِغُرَمَائِهِ «خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ وَلَيْسَ لَكُمْ إِلاَّ ذَلِكَ» (٣)، وقوله عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عُقُوبَتَهُ .. » (٤) فبمفهومه أن غير الواجد لا تحل عقوبته فلا يجوز مطالبة المدين المعسر بل تحرم مطالبته بالدين والحجر عليه ما دام معسراً، وفي إنظار المعسر فضل، فعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: =


(١) المغني (٤/ ٥٠٣).
(٢) سورة البقرة: الآية ٢٨٠.
(٣) أخرجه مسلم - كتاب البيوع - باب استحباب الوضع من الدينِ (٤٠٦٤).
(٤) أخرجه البخاري - كتاب الاستقراض وأداء الديون - باب لصاحب الحق مقال (٢٤٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>