للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ طَلَبَهَا، اسْتَحْلَفَهُ وَبَرِئَ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ، لادَّعَى قَوْمٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ، لَكِنَّ اليَمِيْنُ عَلى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (١)،

ــ

=وليس له فيها حق، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- للحضرمي: «أَلَك بَيِّنَةٌ؟ » قال: لا. قَالَ: «فَلَكَ يَمِينُهُ» (١).

قال ابن القيم -رحمه الله-: «وهذه قاعدة الشريعة المستمرة؛ لأن اليمين إنما كانت في جانب المدعي عليه حيث لم يترجح المدعي بشيء غير الدعوى فيكون جانب المدعى عليه أولى باليمين؛ لقوته بأصل براءة الذمة، فكان هو أقوى المتداعيين باستصحاب الأصل، فكانت اليمين من جهته» (٢) انتهى.

(١) قوله «فَإِنْ طَلَبَهَا، اسْتَحْلَفَهُ وَبَرِئَ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ، لادَّعَى قَوْمٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ، لَكِنَّ اليَمِيْنُ عَلى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» (٣): أي وإن طلب المدَّعي إحلافه استحلف وبريء المدَّعى عليه، ومفهوم كلامه أن المدعى عليه لو حلف من غير طلب المدعي أنه لا يعتد بيمينه، لأنه أتى باليمين في غير موضعها.

والأظهر في ذلك أنه إذا جرى عرف القضاة بأنه لا يحتاج إلى طلب المدعي يمين المدعى عليه فحلف بدون طلب جاز، لأن الطلب العرفي كالطلب اللفظي.


(١) رواه مسلم - كتاب الإيمان - باب وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار (٣٧٥).
(٢) الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، ص ١١٠.
(٣) أخرجه البخاري في التفسير - باب {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بَعَهْدِ اللَّهِ .. } (٤٥٥٢)، ومسلم في الأقضية - باب اليمين على المدعى عليه (١٧١١)، عن ابن عباس رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>