للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

=والثالث: نذر المباح، كما لو نذر أن يلبث ثوبه أو يركب دابته فحكمه أنه يخير بين فعله وبين كفارة يمين إن لم يفعله؛ كالقسم الثاني.

والصحيح أنه لا شيء عليه في نذر المباح؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: «بَيْنَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَخْطُبُ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ فَسَأَلَ عَنْهُ فَقَالُوا أَبُو إِسْرَائِيلَ نَذَرَ أَنْ يَقُومَ، وَلا يَقْعُدَ، وَلا يَسْتَظِلَّ، وَلا يَتَكَلَّمَ وَيَصُومَ فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- مُرْهُ فَلْيَتَكَلَّمْ وَلْيَسْتَظِلَّ وَلْيَقْعُدْ وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ» (١).

الرابع: نذر المعصية، كنذر شرب الخمر وصوم أيام الحيض ويوم النحر؛ فلا يجوز الوفاء بهذا النذر؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلا يَعْصِهِ» (٢)، فدل هذا الحديث على أنه لا يجوز الوفاء بنذر المعصية، لأن المعصية لا تباح في حال من الأحوال.

ومن نذر المعصية كالنذر للقبور أو لأهل القبور، وهو شرك أكبر كما سبق، ويكفِّر عن هذا النذر كفارة يمين عند بعض أهل العلم، وهو مروي عن ابن مسعود وابن عباس وعمران بن حصين وسمرة بن جندب رضي الله عنهم.

وذهب جماعة من أهل العلم إلى عدم انعقاد نذر المعصية، وأنه لا يلزمه به كفارة، وهو رواية عن أحمد (٣) ومذهب مالك (٤)، والشافعي (٥)، =


(١) رواه البخاري في كتاب النذور - باب النذر فيما لا يملك وفي معصية (٦٧٠٤).
(٢) سبق تخريجه، ص ٢١٠.
(٣) المغني (٩/ ٤).
(٤) بداية المجتهد (١/ ٤٢٣).
(٥) روضة الطالبين (٣/ ٣٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>