للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ كَانَ بَعْضُهُ حُرًّا، وَرِثَ وَوُرِثَ (١).

ــ

= حكمياً لا عجزاً حسياً، ومعنى العجز الحكمي أنه لا يملك لنفسه شيئاً، فلا يستطيع أن يسافر إلا بإذن سيده، ولا يبيع ولا يشتري إلا بإذن سيده ولا يتزوج إلا بإذن سيده، وكذلك لا يملك شيئاً إلا بإذن سيده، فهو مولى عليه مملوكً، وهذا هو معنى العجز الحكمي، ولما كان العبد بهذه المنزلة فإنه لا يرث لأنه لا مال له في الحقيقة، فلو كان لهذا الرقيق أخوان حران فمات أحدهما فإن المال كله للحر ولا يرث أخاه الرقيق، لأنه إذا أخذ شيئاً من المال أخذه السيد، والسيد أجنبي.

وقوله «وَلا لَهُ مَالٌ يُوْرَثُ» لأنه لا يملك ولأنه لا مال له فيورث كما سبق لقوله -صلى الله عليه وسلم- «وَمَنِ ابْتَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ» (١).

- فائدة: الأسير عند الكفار هل يرث؟ نقول: إذا علمت حياته فإنه يرث، لأن الكفار لا يملكون الأحرار بالقهر، فهو باق على حريته، فيرث كالمطلق.

(١) قوله «وَمَنْ كَانَ بَعْضُهُ حُرًّا، وَرِثَ وَوُرِثَ»: أي المبعض، وهو من بعضه رقيق وبعضه حر يرث ويورث بجزئه الحر ويحجب على مقدار ما فيه من الحرية، ولا يرث ولا يورث بالقدر الباقي فيه من الرق: اختلف الفقهاء في توريث المبعض: فذهب ابن عباس رضي الله عنهما وبه قال الظاهرية (٢)، وهذا المذهب عند الحنابلة (٣)، ووجه عند الشافعية (٤)، وهو ما ذهب إليه المؤلف أنه يرث ويورث على قدر ما فيه من الحرية والرق.


(١) رواه البخاري - كتاب المزارعة - باب حلب الإبل على الماء (٢٣٧٩)، مسلم -كتاب البيوع - باب من باع نخلاً عليه ثمر (٣٩٨٢).
(٢) المحلي (٩/ ٣٠٢).
(٣) المغني (٧/ ١٣٤ - ١٣٥).
(٤) مغني المحتاج (٣/ ٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>