للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

القسم الثاني: أن يكون الحالفُ ظالماً، كأن يستحلفه الحاكم على حق غيره فهنا لا ينفعه تأويله، وتنصرف اليمين إلى ظاهر اللفظ الذي عناه المستحلف، وهذا معنى قول المؤلف: «إِلاَّ أَنْ يَكُوْنَ ظَالِمًا، فَلا يَنْفَعُهُ تَأْوِيْلُهُ»، والدليل على ذلك ما ذكره المؤلف، وهو قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «يَمِيْنُكَ عَلَى مَا يُصَدِّقُكَ بِهِ صَاحِبُكَ» (١)، ولأنه لو قيل بأن التأويل ينفع، لضاعت الحقوق، ولأدى ذلك إلى جحد الحقوق، فكل إنسان عند القاضي إذا طَلَبَ منه القاضي أن يحلف؛ فسوف يَتَأَوَّلُ في يمينه، ويكون التأويلُ وسيلةً إلى إبطالِ الحقوقِ.

القسم الثالث: أن لا يكون ظالماً، ولا مظلوماً، فلا بأس أن يتأول، وخاصة إذا احتاج إلى هذا التأويل، ويدل لذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يمزح مع أصحابه، ولكنه لا يقول إلا حقًّا، كما في حديث أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لرجل: «إِنِّي حَامِلُكَ عَلَى وَلَدِ النَّاقَةِ»، فقال: يا رسول الله، ما أَصنع بولد النَّاقة؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «وَهَلْ تَلِدُ الإِبِلَ إِلاَّ النُّوقُ» (٢). لكن لا ينبغي للإنسان أن يُكثرَ من التَّأوُّلِ، لأنه قد يُساء به الظنُّ، وتهتز الثقة به، إذا كان معروفاً بكثرة التَّأوُّل.


(١) سبق تخريجه، ص ٢١٠.
(٢) رواه أبو داود في الأدب - باب ما جاء في المزاح (٥٠٠٠)، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (٢٠٧٦)، المشكاة (٤٨٨٦)، مختصر الشمائل (٢٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>