للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

= والله لأفعلن كذا، لكن إذا حلف عن أمر ماض، فهنا لا يخلو إما أن يكون صادقاً أو كاذباً، فإن كان صادقاً، فلا إشكال، وإن كان كاذبا؛ فهذه هي التي تسمى باليمين الغموس وهي الكاذبة عمدا في الماضي أو الحال أو الاستقبال، سواء أكانت على النفي أم على الإثبات كأن يقول: والله ما فعلت كذا، وهو يعلم أنه فعله، أو: والله لقد فعلت كذا، وهو يعلم أنه لم يفعله، أو: والله ما لك علي دين، وهو يعلم أن للمخاطب ديناً عليه، أو: والله لا أموت أبداً، وهل تجب فيها الكفارة؟

نقول اختلف الفقهاء في هذه المسألة:

القول الأول: أنه لا كفارة فيها، وكل ما يجب إنما هو التوبة، ورد الحقوق إلى أهلها إن كان هناك حقوق، وهذا مذهب الحنفية (١)، والحنابلة (٢)، واستدلوا على عدم وجوب الكفارة في اليمين الغموس بما يأتي:

أولاً: قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (٣)، فلم يوجب الله تعالى فيها كفارة بل بين فيها ما أعده في الآخرة لمن ارتكبها فهي أعظم من أن تكفر.

ثانياً: حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «مَنْ=


(١) فتح القدير (٤/ ٣)، البحر الرائق (٤/ ٣٠١: ٣٠٤)، بدائع الصنائع (٣/ ٣).
(٢) كشاف القناع (٦/ ٢٣٥).
(٣) سورة آل عمران: الآية ٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>