للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

=أو ثبوت مصلحتهم ودفع الشر عنهم إلى ما زاد عليها، لأن مدة الهدنة تدور مع المصلحة، وهي قد تزيد وتنقص.

وهذا هو الأقرب عندي، وهو اختيار شيخنا (١)، فيجوز أن تكون الهدنة مطلقةً بدون تحديد للمصلحة، ولكن تكون عقداً جائزاً، بمعنى أن المسلمين إذا رأوا من أنفسهم القوة نبذوا العهد، ولكن لا بد أن يُعلموا عدوهم بأننا عقدنا معكم هذه الهدنة للحاجة، والآن لا نحتاجها، فإما أن تسلموا، وإما أن نقاتلكم، فالمرجع في ذلك إلى المصلحة، ولو زاد على عشر سنين.

المسألة الثالثة: إذا كان في الهدنة شرط يخالف كتاب الله أو يخالف مقتضى العقد: فإن الهدنة لا تصح. فلا يجوز للإمام أن يعقد الهدنة على شروط محظورة قد منع الشرع منها، كأن يهادنهم على خراج يضربونه على بلاد المسلمين، أو على مال يحمله الإمام إليهم، أو على رد ما غنم من سبي ذراريهم؛ لأنها أموال مغنومة، أو على دخول الحرم، أو استيطان الحجاز، أو على ترك القتال أبداً، أو على ألا يستنقذ أسرانا منهم، فهذه وما شاكلها شروط محظورة قد منع الشرع منها، فلا يجوز اشتراطها في عقد الهدنة، فإن شرط بطلت الشروط وعلى الإمام نقضها، لقوله تعالى: {فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ} (٢).


(١) الشرح الممتع على زاد المستقنع (٨/ ٤٦).
(٢) سورة محمد: الآية ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>