للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

=عشر سنين وكان بالمسلمين ضعف، فإن زاد في الحالة الأولى على أربعة أشهر، وعلى العشر في الحالة الثانية لم يصح العقد.

وذهب الحنابلة (١) إلى أنه متى رأى الإمام أو نائبه المصلحة في عقدها لضعف في المسلمين عن القتال، أو لمشقة الغزو أو لطمعه في إسلامهم، أو في أدائهم الجزية، أو غير ذلك من المصالح جاز له عقدها مدة معلومة.

وإن هادنهم مطلقاً بأن لم يقيد بمدة لم يصح، لأن الإطلاق يقتضي التأييد وذلك يفضي إلى ترك الجهاد بالكلية وهو غير جائز.

وذهب الحنفية (٢) إلى أن عقد الهدنة يصح أن يكون مطلقاً عن المدة، ويصح أن يكون مؤقتاً بمدة معينة، فإذا رأى الإمام أن يصالح أهل الحرب أو فريقاً منهم وكان في ذلك الصلح مصلحة للمسلمين فلا بأس به، لقوله تعالى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّل عَلَى اللَّهِ} (٣)، والآية وإن كانت مطلقة لكن أجمع الفقهاء على تقييدها برؤية مصلحة للمسلمين في ذلك بآية أخرى هي قوله تعالى: {فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ} (٤)، ووادع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أهل مكة عام الحديبية على أن يضع الحرب بينه وبينهم عشر سنين، ولا يقتصر جواز الهدنة على المدة المذكورة في الحديث لتعدي المعنى - وهو حاجة المسلمين - =


(١) كشاف القناع (٣/ ١١٢)، وشرح منتهى الإرادات (٢/ ١٢٥، ١٢٦).
(٢) تبيين الحقائق (٣/ ٢٤٥)، والبحر الرائق (٥/ ٨٥)، وفتح القدير (٥/ ٣٧١).
(٣) سورة الأنفال: الآية ٦١.
(٤) سورة محمد: الآية ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>