للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الاِعْتَكَافِ (١)

ــ

(١) قوله (بَابُ الاِعْتَكَافِ): الاعتكاف في اللغة هو لزوم الشيء وحبس النفس عليه.

أما في الاصطلاح فقال المؤلف: (وَهُوَ: لُزُوْمُ الْمَسْجِدِ لِطَاعَةِ اللهِ تَعَالَى فِيْهِ): هذا هو التعريف الاصطلاحي للاعتكاف لكن لو قال المؤلف في تعريفه هو لزوم مسجد بنية الطاعة لله متفرغاً لذلك مع صفة مخصوصة لكان أولى.

الحكمة من مشروعية الاعتكاف:

لما كان المرء لا يلزم ويواظب إلا من يحبه ويعظمه كما كان المشركون يعكفون على أصنامهم وتماثيلهم، ويعكف أهل الشهوات على شهواتهم شرع الله سبحانه وتعالى لأهل الإيمان أن يعكفوا على ربهم سبحانه وتعالى، والقلوب هي الأوعية التي يصلح بها البدن أو يفسد.

قال ابن القيم (١) رحمه الله: (لما كان صلاح القلب واستقامته على طريق سيره إلى الله تعالى متوقفاً على جمعيته على الله، وَلَمِّ شعثه بإقباله بالكلية على الله تعالى، فإن شعث القلب لا يلمه إلا الإقبال على الله تعالى ولهذا شرع الله تعالى لعباده الاعتكاف الذي مقصوده وروحه عكوف القلب على الله تعالى وجمعيته عليه والخلوة به، والانقطاع عن الاشتغال بالخلق، والاشتغال به وحده سبحانه بحيث يصير ذكره وحبه والإقبال عليه في محل هموم القلب وخطراته فيستول عليه بدلها ويصير الهم كله به والخطرات كلها بذكره، والتفكر في تحصيل مرضاته وما يقرب منه، فيصير أنسه بالله بدلاً من=


(١) انظر: زاد المعاد (٢/ ٨٦، ٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>