للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

- الفائدة الثالثة: في المفاضلة بين طلب العلم والجهاد في سبيل الله: المشهور من مذهب الإمام أحمد (١) أن الجهاد في سبيل الله أفضل الأعمال، فهو أفضل من سائر النوافل، واستدلوا لذلك بما ثبت في الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قيل له: أي الناس أفضل؟ فقال: «مُؤْمِنٌ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ» (٢)، ولاشك أن تفضيل المتصف بهذه الصفة وجعله أفضل من غيره يدل على أن هذه الصفة أفضل من غيرها من الصفات، وعن أَبي هريرة -رضي الله عنه-: أَنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل: أَي العمل أَفضل؟ فَقَالَ: «إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ» قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «حَجٌّ مَبْرُورٌ» (٣).

والرواية الثانية: أن تعلّم العلم وتعليمه أفضل من الجهاد في سبيل الله.

قلت: الظاهر أن العلم تعلماً وتعليماً نوع من أنواع الجهاد في سبيل الله وأن تفضيل أحد النوعين على الآخر راجع إلى المصلحة العامة.

فإذا كان الاشتغال بالعلم أصلح للأمة من الاشتغال بالجهاد - كما في هذه الأزمان - فإن العلم أفضل، وأما إن كانت الأمة محتاجة إلى الجهاد في سبيل الله وإلى المجاهدين فإن الاشتغال بالجهاد في سبيل الله أفضل من العلم.


(١) الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (٢/ ١١٦)
(٢) سبق تخريجه، ص ١٩٥.
(٣) سبق تخريجه، ص ١٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>