للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والشرط الثالث: أن يكونوا جماعة، ويؤخذ من قول المصنف «ولَهُمْ» أنهم لابد أن يكونوا جماعة.

فإذا قام مجموعة من الناس على هذا الصفات فهم بغاة على الإمام، ومتى اختل شرط من ذلك بأن لم يكن خروجهم بتأويل أو بتأويل غير سائغ، أو كانوا جمعاً يسيراً لا شوكة لهم فليسوا بغاة، كما تقدم.

وظاهر كلامه «عَلى الإِمَامِ» أي ولو كان الإمام غير عدل، كأن يكون ظالماً أو جائراً ما لم يحدث كفراً، وهذا قول الشافعية (١)، وجمهور الحنابلة (٢)، واختار هذا شيخ الإسلام ابن تيمية، فقال: «مذهب أهل الحديث ترك الخروج بالقتال على الملوك البغاة، والصبر على ظلمهم إلى أن يستريح بَرٌّ، أو يُستراح من فاجر» (٣)، وقال أيضاً: « .. لا يجوز إنكار المنكر بما هو أنكر منه، ولهذا حرم الخروج على ولاة الأمر بالسيف لأجل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأن ما يحصل بذلك من فعل المنكرات، وترك واجبٍ أعظم مما يحصل بفعلهم المنكر والذنوب» (٤)، وهذا هو الصواب لوجود أدلة تؤيده، كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} (٥)، فإن الآية الكريمة دلت على وجوب طاعة ولي الأمر، ولم تشترط عدالته، وهذا دليل على عدم جواز الخروج عليه وإن كان جائراً، ما لم يرتكب كفراً =


(١) مغني المحتاج (٤/ ١٢٣).
(٢) الإنصاف (٤/ ٣١١).
(٣) مجموع الفتاوى (٤/ ٤٤٤).
(٤) الفتاوى (١٤/ ٤٧٢).
(٥) سورة النساء: الآية ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>