للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ تَابَ قَبْلَ القُدْرَةِ عَلَيْهِ، سَقَطَتْ عَنْهُ حُدُوْدُ اللهِ، وَأُخِذَ بِحُقُوْقِ الآدَمِيِّيْنَ، إِلاَّ أَنْ يُعْفَى لَهُ عَنْهَا (١)،

ــ

(١) قوله «وَمَنْ تَابَ قَبْلَ القُدْرَةِ عَلَيْهِ، سَقَطَتْ عَنْهُ حُدُوْدُ اللهِ، وَأُخِذَ بِحُقُوْقِ الآدَمِيِّيْنَ، إِلاَّ أَنْ يُعْفَى لَهُ عَنْهَا»: أي فإن تاب المحارب قبل الظفر به والقدرة عليه سقط عنه ما وجب من الحد لحرابته، وهذا أمر مجمع عليه (١)، لقوله تعالى: {إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٢)، فختم الآية باسمين كريمين يدلان على العفو والمغفرة، فيسقط عنه تحتم القتل والصلب والنفي.

أما ما يتعلق بحق الآدمي فلا يسقط، بل يبقى مسئولاً عنه، فإن كان أخذ مالاً فعليه رده، وإن كان قَتَلَ أو جَرَحَ فعليه القصاص أو الدية، وتتحقق توبته على الراجح بتركه ما كان عليه من الحرابة وإتيانه إلى الإمام طائعاً مختاراً ملقياً سلاحه قبل القدرة عليه، أما إذا تاب المحارب بعد القدرة عليه فإنه لا يسقط عنه شيء من الحدود، لقوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٣)، ووجه الاستدلال: أن الله تعالى أوجب الحد على المحاربين وذكر عقوبتهم، ثم استثنى التائبين قبل القدرة عليهم، فيبقى من عداهم على العموم، ولأن توبته قبل القدرة عليه لا تهمة فيها، أما بعد القدرة فالظاهر أنها تُقية من إقامة الحد عليه (٤).


(١) المغني (١٢/ ٤٨٣)، إعلام الموقعين (٢/ ٧٨)، الإفصاح (٢/ ٤٢٤).
(٢) سورة المائدة: الآية ٣٣.
(٣) سورة المائدة: الآية ٣٣.
(٤) المغني (١٢/ ٤٨٣)، الشرح الممتع على زاد المستقنع (١٤/ ٣٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>