للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُقْبَلُ كِتَابُ القَاضِيْ فِيْ كُلِّ حَقٍّ، إِلاَّ الحُدُوْدَ وَالقِصَاص (١)،

ــ

(١) قوله «وَيُقْبَلُ كِتَابُ القَاضِيْ فِيْ كُلِّ حَقٍّ، إِلاَّ الحُدُوْدَ وَالقِصَاصَ»: أي إن كتاب القاضي إلى القاضي لا يقبل في الحدود كحد الزنا، أو السرقة، وكذلك في القصاص إلا في حق الآدمي، كالقرض، والبيع، والإجارة، والطلاق، والنكاح، ونحو ذلك.

قال الوزير: «اتفقوا على أن كتاب القاضي إلى القاضي من مصر إلى مصر في الحقوق التي هي المال، أو ما كان المقصود منه المال جائز مقبول» (١).

أما في حدود الله تعالى كحد الزنا والشرب ونحوهما، فلا يقبل كتاب القاضي إلى القاضي، لأن حقوق الله تعالى مبنية على الستر والدرء بالشبهات، والإسقاط بالرجوع عن الإقرار بها والشهادة على الشهادة لا تخلو من الشبهة، وهذا هو المذهب (٢).

والقول الثانِي: أن كتاب القاضي إلى القاضي يقبل حتى في حدود الله تعالى، وهو قول مالك، وهو قول الشافعية، ورواية عن أحمد في القصاص (٣)، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية (٤)، وشيخنا (٥) -رحمه الله-، وذلك لأن هذا الرجل الذي فعل ما يقتضي الحكم عليه هو الذي فضح نفسه، وإقامة الحد عليه أمام الناس فيه نشر لجريمته، وهذا هو الصواب.


(١) الإفصاح (٢/ ٣٤٨).
(٢) الإنصاف (١١/ ٣٢١).
(٣) الشرح الكبير مع الإنصاف (٢٩/ ٨)، الاختيارات الفقهية، ص ٣٤٨.
(٤) انظر: الفروع (٦/ ٤٩٨).
(٥) الشرح الممتع على زاد المستقنع (١٥/ ٣٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>