للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ أَكْرَهَ رَجُلٌ رَجُلاً عَلى القَتْلِ، فَقَتَلَ (١)،

ــ

(١) قوله «وَإِنْ أَكْرَهَ رَجُلٌ رَجُلاً عَلى القَتْلِ، فَقَتَلَ»: أي: لو أُكره إنسان على القتل فَقَتَل فالقصاص عليهما، أما المكرِه: فلأنه تسبب بما يقتل غالباً، حيث أكره هذا المكلف القادر على القتل، ولأنه تسبب في قتله بشيء يُفضي إليه غالباً، فوجب عليه القصاص، كما لو ألسعه حية، أو ألقاه إلى أسد في زريبة (١)، وأما المُكرَه - بفتح الراء - فلأنه قتل شخصاً ظلماً لاستبقاء نفسه، أشبه ما لو قتله في المخمصة ليأكله.

وهذا هو المذهب، وهو قول الجمهور (٢).

والقول الثانِي: أن القصاص على المكرَه دون المكرِه لأنه مباشر، وليس له أن يقتل غيره لاستبقاء نفسه.

والقول الثالث: أن القَوَد يختص بالمُكرِه لأنه هو الملجئ لغيره، والمُكرَه مضطر، ولولا إكراه ذلك ما قتله، لكن هذا تعليل ضعيف بالنسبة للتعليل المتقدم، وهذا قول أبي حنيفة (٣).

والأظهر أنه على المُكرَه أو عليهما جميعاً، لأنهما شريكان في ارتكاب الجريمة، وحينئذ فينظر القاضي ما هو الأصلح للناس في هذه المسألة، فإن رأى قتلهما جميعاً فله ذلك (٤).


(١) الزَّريبة: حفرة الصائد، وحظيرة الماشية، ومأوى السبع. المعجم الوسيط، ص ٣٩١.
(٢) الإنصاف (٩/ ٤٥٣)، مغني المحتاج (٤/ ٩)، بداية المجتهد (٤/ ٢٩٤)، المحلى (٨/ ٣٢٩).
(٣) بدائع الصنائع (٧/ ٢٣٥)، المهذب (٢/ ١٧٧).
(٤) الشرح الممتع على زاد المستقنع (١٤/ ٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>