للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أحدهما: أن يكون ذا شهوة مفرطة يغلب على ظنه أنه إذا قبل أنزلـ أو أمذى، فهذا تحرم عليه القبلة لأنها مفسدة لصومه أشبهت الأكل.

الثاني: أن يكون ذا شهوة لكنه لا يغلب على ظنه ذلك فيكره له التقبيل لأنه يعرض نفسه للفطر ولا يأمن عليه الفساد، ولأن العبادة إذا منعت الوطء منعت دواعيه كالإحرام، ولا تحرم القبلة في هذه الحال لما روي (أن رجلاً قبل وهو صائم فأرسل امرأته فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرها النبي صلى الله عليه وسلم أنه يقبل وهو صائم) (١).

الثالث: أن يكون ممن لا تحرك القبلة الشهوة عنده كالشيخ الكبير ففيه، روايتان:

إحداها: لا تكره له لأنها مباشرة لغير شهوة أشبهت لمس اليد لحاجة.

الثانية: أنه يكره لأنه لا يأمن حدوث الشهوة، ولأن الصوم عبادة تمنع الوطء، فاستوى في القبلة فيها من تحرك شهوته ومن لا تحرك كالإحرام) انتهى كلامه مختصرًا.

قلت: والذي يظهر لي أن القبلة لا بأس بها مطلقاً لقول عائشة رضي الله عنها: (كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لإِرْبِهِ) (٢).

فمتى ملك الإنسان إربه - يعني شهوته - جاز له ذلك، فمجرد القبلة لا تفسد الصوم إلا إذا كان معها إنزال، لكن من خشي الوقوع في المحذور فلا يقبل.


(١) أخرجه مالك في الموطأ (٣/ ٤١٦)، والبيهقي في السنن والآثار (٧/ ١٥٩)، والشافعي في مسنده (١/ ٢٤٠).
(٢) أخرجه البخاري - كتاب الصوم - باب المباشرة للصائم (١٧٩٢)، مسلم - كتاب الصيام - باب بيان أن القبلة في الصوم ليست محرمة (١٨٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>