للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلا تُنْقَلُ الصَّدَقَةُ إِلَى بَلَدٍ تُقْصَرُ إِلَيْهِ الصَّلاةُ إِلاَّ أَنْ لا يَجِدَ مَنْ يَأْخُذُهَا فِيْ بَلَدِهَا (١)

ــ

=يرجع على الفقير لأنها زكاة دفعت إلى مستحقيها، فلم يجز له الرجوع فيها، وهذا هو الراجح كما ذكرنا ذلك سابقاً.

(١) قوله (وَلا تُنْقَلُ الصَّدَقَةُ إِلَى بَلَدٍ تُقْصَرُ إِلَيْهِ الصَّلاةُ إِلاَّ أَنْ لا يَجِدَ مَنْ يَأْخُذُهَا فِيْ بَلَدِهَا) اختلف الفقهاء في هذه المسألة:

فذهب الجمهور (١) إلى أنه لا يجوز نقل الزكاة إلى ما يزيد عن مسافة القصر لحديث معاذ رضي الله عنه وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: «تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ) (٢).

واحتجوا أيضاً بما ورد عن عمر رضي الله عنه أنه أنكر على معاذ، وقال: لم أبعثك جابياً، ولا آخذ جزية، ولكن بعثتك لتأخذ من أغنياء الناس فترد على فقرائهم. فقال معاذ: ما بعثت إليك شيئاً وأنا أجد من يأخذ مني).

وقال أيضاً الجمهور: أن المعتبر أيضاً بلد المال.

وذهب أبو حنيفة (٣) إلى أنه يكره تنزيهاً نقل الزكاة من بلد إلى آخر، واستثنوا من الكراهة أن ينقلها المزكي إلى قرابته لما في الإيصال إليهم من صلة الرحم، وله أن ينقلها إلى قوم هم أحوج إليها من أهل بلده وكذا ينقلها لأصلح أو أورع أو أنفع للمسلمين، أو من دار الحرب إلى دار الإسلام، أو إلى طالب علم.

والذي نرجحه من هذه الأقوال: أنه يجوز أن ينقلها إلى البلد البعيد والقريب=


(١) انظر في ذلك: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (١/ ٥٠١، ٥٠٢)، شرح المنهاج (٣/ ٢٠٢، ٢٠٣)، الإنصاف (٣/ ٣٠٣)، المغني (٤/ ١٣١ - ١٣٣).
(٢) سبق تخريجه ص ٧.
(٣) حاشية ابن عابدين (٢/ ٦٨، ٦٩)، فتح القدير (٢/ ٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>