للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ شَرِبَ مُسْكِرًا، قَلَّ أَوْ كَثُرَ (١)، مُخْتَارًا، عَالِمًا أَنَّ كَثِيْرَهُ يُسْكِرُ (٢)،

ــ

=وبالجملة فهي أم الخبائث، وجماع الإثم، ومجمع الأمراض، ولهذا تجد السكارى غالباً هم أفقر الناس، وأتعس الناس، وأشقى الناس (١).

(١) قوله «وَمَنْ شَرِبَ مُسْكِرًا، قَلَّ أَوْ كَثُرَ»: أي من شرب مسكراً قليلاً كان أو كثيراً أسكره أم لم يسكره، وجب إقامة الحد عليه، وإنما حُرِّم القليل وحُدَّ شاربه وإن كان لا يسكر حسماً لمادة الفساد.

وفيه رد صريح على من قال من الحنفية: إن الخمر - وهو عصير العنب عندهم - يحرم قليله وكثيره، وغيره من المسكرات يحرم قدر المسكر منه، دون القليل الذي لا يسكر، وهذا قول باطل كما ذكرنا، ترده الأحاديث الكثيرة الصحيحة الصريحة، لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصف القليل بأنه حرام، ولأن السُّكْرَ إنما يحصل بالمجموع من الشراب، لا من الشربة الأخيرة فقط، فإن الشربة الأخيرة إنما أثَّرت في السُّكر بانضمامها إلى ما قبلها.

وقد ورد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَا أَسْكَرَ مِنهُ الفَرَقُ فَمِلءُ الكَفِّ مِنْهُ حَرَامٌ» (٢).

(٢) قوله «مُخْتَارًا، عَالِمًا أَنَّ كَثِيْرَهُ يُسْكِرُ»: هذه هي الشروط التي تجب بها عقوبة حد شارب المسكر:

الأول: أن يشربها مختاراً، فإن شربها مكرهاً فلا حد عليه، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: =


(١) انظر: في ذلك كتابنا «المخدرات في الفقه الإسلامي»، ص ٦١.
(٢) أخرجه الإمام أحمد (٦/ ٧١، ١٣١)، وأبو داود في الأشربة - باب النهي عن المسكر (٣٦٨٧)، والترمذي في الأشربة - باب ما جاء ما أسكر كثيره ... (١٨٦٦) عن عائشة رضي الله عنها، وقال الترمذي: «حديث حسن»، وصححه الألباني كما في الإرواء (٨/ ٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>