للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يَجِبُ الْحَدُّ إِلاَّ عَلى مُكَلَّفٍ (١)،

ــ

= من الوقوع في مثل هذه الجريمة، وتمنع من انتشار الفساد وشيوع الجرائم، وتحقق الأمن في البلاد.

ثانياً: التطهير والكفارة، فإن الإنسان إذا فعل ذنباً وحُدَّ عليه كفَّر الله عنه، فلا يجمع الله عليه بين عقوبة الدنيا والآخرة، لحديث عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- وفيه: «وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيئاً فَعُوقِبَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَتُهُ» (١).

(١) قوله «لا يَجِبُ الْحَدُّ إِلاَّ عَلى مُكَلَّفٍ»: أي لا يقام الحد إلاَّ على مكلف: وهو البالغ العاقل، فلا حَدَّ على صغير ولا مجنون، لأنهما غير مكلفين بالعبادة، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: «رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثَلاثَةٍ» (٢)، وذكر منهم الصغير والمجنون، لأنهما ليسا أهلاً للعقوبة لعدم صحة القصد التام منهما، ولهذا منع الله من إتيانهم أموالهم حتى لا يضيعوها.

ولكن لا يعني ذلك أن الصغير لا يُعزَّر، بل يعزر، والتعزير غير الحد، ولهذا قال -صلى الله عليه وسلم-: «مُرُوا أَبْنَاءَكُمْ بِالصَّلاةِ لِسَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرِ سِنِينَ» (٣)، فأمر بضربهم قبل البلوغ، فالتعزير شيء وإقامة الحد شيء آخر، وعلى هذا فلو أن صغيراً فعل الفاحشة فلا نقول: هذا صغير، لا يجب عليه الحد، اتركوه، بل لا بد أن يعزر بما يردعه وأمثالَه عن هذه الفِعلة، وكذلك - أيضاً - لو سرق فإنه لا يُترك، بل لو أفسد شيئاً دون =


(١) رواه البخاري - كتاب الحدود - باب الحدود كفارة (٦٧٨٤)، مسلم - كتاب الحدود - باب الحدود كفارات لأهلها. (٤٥٥٨)
(٢) رواه أحمد (١/ ١٤٠)، أبو داود - كتاب الحدود (٤/ ٢٤٤)، الترمذي - كتاب الحدود (٤/ ٣٢)، النسائي - كتاب الطلاق (٦/ ١٥٦)، ابن ماجة - كتاب الطلاق (١/ ٦٥٨).
(٣) رواه أحمد (١١/ ٣٦٩)، (٦٧٥٦)، وصححه الألباني في الإرواء (ج ١ رقم ٢٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>